مأموره على تصويب مدافعه على جنود الملك. ثم أمرت القوم داخل الأسوار، باسم أيها الغائب، أن يفتحوا الأبواب برهة ريثما يدخل جيش كونديه، ثم يغلقوها في وجه جيش الملك (٢ يوليو ١٦٥٢). وهكذا كانت المدموازيل بطلة الساعة.
وغدا كونديه سيد باريس، ولكن الرؤوس المتزنة أخذت تنقلب عليه. ولم يستطع أن يدفع رواتب جنده، فبدئوا يهجرونه، وأفلت زمام الجماهير. وفي 4 يوليو هاجم الغوغاء قاعة المدينة مطالبين بأن يسلم إليهم جميع مؤيدي مازاران، وإظهاراً لسخطهم أشعلوا النار في المبنى، وقتلوا ثلاثين من المواطنين. وتعطلت العمليات الاقتصادية، وعمت الفوضى إمداد المدينة بالطعام، وخشي نصف أسرات باريس الموت جوعاً. وتساءلت الطبقات المالكة: أليست الأرستقراطية الملكية. بل أليس حكم مازاران، أهون من حكم الرعاع. وأعان مازاران الموقف حين ارتضى لنفسه النفي طوعاً، تاركاً الفرونديين بغير قضية توحد بين صفوفهم. أما ريتز فقد رأى أن الوقت قد حان لدعم مكاسبه بعد أن تم له الظفر بقبعة الكردينالية الحمراء التي طالما اشتهاها، فاستخدم الآن نفوذه ليشجع الولاء للملك.
وفي 21 أكتوبر عادت الأسرة المالكة إلى باريس دون أن يمسها سوء. وافتتن الباريسيون بمنظر الملك الصغير، البالغ من العمر آنئذ أربعة عشر ربيعاً، وسحرهم حسنه وشجاعته، ورددت الشوارع هتاف الجماهير "يحيى الملك" وما لبث هياج الشعب ـن هدأ بين عشية وضحاها، وأعيد النظام لا بفضل القوة، بل بهالة الملكية، وهيبة الشرعية، وإيمان الشعب-الإيمان نصف اللاشعوري-بحق الملوك الإلهي. وما وافى 6 فبراير 1653 حتى استشعر لويس في نفسه من القوة ما شجعه على دعوة مازاران للعودة وتثبيته مرة أخرى في جميع سلطاته السابقة. ووضعت حرب الفروند الثانية أوزارها.
وفر كونديه إلى بوردو، وخضع البرلمان في بطء ووقار، واعتكف