الإقطاعيين. وآية ذلك أنه حين دخلت لجنة ملكية إقليم أوفرن (١٦٦٥) للتحقيق في استغلال السادة لسلطتهم الإقطاعية في الإقليم، رحب الناس بهذا الاستجواب العظيم Lasgrands Jours d, Auvergne محرراً لهم من الظلم، وأثلج صدورهم أن يروا "إقطاعياً كبيراً" يُضرب عنقه لأنه قتل فلاحاً، وأشرافاً، أقل منه شأناً يلقون جزاءهم على ما اقترفوا من أفعال محظورة أو قاسية (٣٦). وبمثل هذه الإجراءات حل القانون الملكي محل القانون الإقطاعي.
ثم نقحت القوانين لتبلغ من النظام والمنطق قصارى ما يتفق والأرستقراطية، فحكم "قانون لويس" الذي تكون على هذا النحو (١٦٦٧ - ١٦٧٣) فرنسا إلى أن جاء "قانون نابليون"(١٨٠٤ - ١٨١٠) وكان القانون الجديد أرقى من كل قانون سبقه منذ عهد جستنيان، وقد "أسهم بقوة في تقدم الحضارة الفرنسية (٣٧) " وأنشئ جهاز شرطة ليكبح إجرام باريس وقذارتها. فترى مارك رينيه، مركيز فواييه دارجنسون، الذي خدم الدولة إحدى وعشرين سنة قائداً عاماً للشرطة، يترك سجلاً مشرفاً من الداء العادل الدءوب لوظيفة عسيرة، وبإشرافه رصفت شوارع باريس، ونظفت تنظيفاً معتدلاً، وأضيأت بخمسة آلاف مصباح، وأمنت تأميناً لا بأس به للمواطنين، وأصبحت باريس الآن في هذا كله متقدمة جداً على أي مدينة أخرى في أوربا. ولكن القانون أباح الكثير من أعمال الهمجية والطغيان. ونشرت شبكة من المخبرين في أرجاء فرنسا يتجسسون على الكلام كما يتجسسون على الأفعال وأبيح اعتقال الأشخاص اعتقالاً تعسفياً بمقتضى الأوامر السرية Lettres de Cachet التي يصدرها الملك أو وزراؤه، وسجنهم سنين دون محاكمة، ودون أن يحاطوا علماً بجريرتهم. وحظر القانون الاتهامات بالسحر، وأبطل حكم الإعدام عقاباً للتجديف، ولكنه احتفظ باستخدام التعذيب أداة لانتزاع الاعترافات من المتهمين. وأجاز القانون عقاب عدد كبير من الذنوب بالحكم