القديم. ولعله لو قلبه من أساسه لأحدث من الإخلال بالنظام ما يهدد تدفق إيراد الدولة. ذلك أن الدولة كانت تمولها أساساً ضريبتان-التاي (الرؤوس) والجابيل (الملح). وكانت ضريبة التاي تقدر في أقاليم من واقع الأملاك الحقيقية، وفي غيرها على أساس الدخل. وقد أعفي منها الأشراف والكهنة، فوقعت كلها على كواهل "الطبقة الثالثة"-التي تنتظم باقي السكان وكان يطلب إلى كل إقليم أن يجبي مبلغاً محدداً، ويسأل كبار المواطنين عن جباية المبلغ المقرر. أما الجابيل فضريبة على الملح. فقد احتكرت الدولة بيعه، وألزمت جميع الرعايا أن يشتروا دورياً كمية مقررة بأسعار تحددها الحكومة. وإلى هاتين الضريبتين الأساسيتين أضيفت مختلف الرسوم الصغيرة، وعشر محصول الفلاح الذي يجب أداؤه للكنيسة. على أن هذه الضريبة كانت عادة دون العشر بكثير (٥٥)، وكانت تراعي الرأفة في جبايتها.
وكانت الزراعية أقل المرافق تأثيراً بإصلاحات كولبير. إذ بقيت طرق الفلاحة بدائية جداً بحيث عجزت عن إعاشة عشرين مليوناً من الأنفس يتكاثرون بغير حساب. وكان لكثير من الأزواج عشرون ولداً. ولولا الحرب، والمجاعة، والمرض، وارتفاع نسبة الوفيات في الأطفال، لتضاعف السكان مرة كل عشرين سنة (٥٦)، ومع ذلك منح كولبير الإعفاءات الضريبية للزواج المبكر، والمكافآت للأسر الكبيرة (ألف جنيه فرنسي للآباء إذا كان لهم أبناء عشرة، وألفين إذا كانوا اثني عشر ولداً (٥٧)) وذلك بدلاً من أن يعمل على زيادة خصوبة التربة. وقد احتج على تكاثر الأديار لأنه يهدد القوى البشرية لفرنسا (٥٨). على أن نسبة المواليد في فرنسا انخفضت رغم ذلك خلال حكم لويس، لأن الحرب زادت الضرائب وعمقت الفقر. ولكن حتى في هذه الحال، لم تقتل الحرب ما يكفي لحفظ التوازن بين المواليد والطعام، وكان على الطاعون أن يتعاون مع الحرب. وكان نقص المحصول سنتين متعاقبتين كفيلاً بإحداث المجاعة، لأن وسائل النقل لم ترق بحيث تستطيع بكفاية سد العجز في إقليم من الفائض في آخر. ولم تخل سنة من مجاعة في