للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

شاغرة، أسخط مائة شخص، وأجعل شخصاً ناكراً للجميل (٩٦) ". وكان القوم يتشاجرون على أمكنة الصدارة في المائدة، أو على القيام على خدمة الملك، وحتى سان- سيمون أقلقه الخوف من أن يتقدمه دوق لكسمبرو خمس خطوات في أحد المواكب، وقد اضطر لويس إلى نفي ثلاثة أدواق من البلاط لأنهم أبوا أن يقدموا على أنفسهم أمراء أجانب. وكان الملك شديد الاحتفال بالبروتوكول، وقد عبس مرة حين وجد على مائدة الغداء سيدة عاطلاً من اللقب تتقدم دوقة في مجلسها (٩٧). ولا ريب في أن ضرباً من الترتيب المقرر كان ضرورياً لمنع ستمائة من الأنفس المغرورة المزهوة بأسباب التشريف من أن يدوس بعضها على أقدام بعض، وقد أثنى الزوار على ذلك المظهر المتسق الذي بدت فيه الحاشية الضخمة. ومن قصور الملك، واستقبالاته، وحفلات ترفيهه، سرى دستور للإتيكيت، ومعايير للسلوك والذوق، إلى الطبقتين العليا والوسطى، وأصبحت هذه كلها جزءاً من التراث الأوربي.

وأراد الملك أن يمنع الملل من أن يتطرق إلى نفوس هؤلاء النبلاء والنبيلات، ذلك الملل الذي قد يحمل البعض على قتل الملك، فناط الفنانين على مختلف أنواعهم بإعداد ألوان الترفيه- من مباريات بين الفرسان، ورحلات صيد، ومباريات تنس وبليارد، وجماعات سباحة أو نزهة في الزوارق، وحفلات غداء أو عشاء، ورقص وحفلات راقصة، وحفلات تنكرية، ومراقص باليه، وأوبرات، وحفلات موسيقية، وتمثيليات. وبدت فرساي وكأنها جنة الله في أرضه حين كان الملك يتقدم حاشيته إلى الزوارق الراسية في القناة، والأصوات والآلات تشدو بالموسيقى، والمشاعل تعين القمر والنجوم على إضاءة المشهد. وهل في الدنيا أفخم ولا أكتم للأنفاس من حفلات الرقص الرسمية، حين تعكس قاعة المرايا في مراياها الهائلة رشاقة الرجال والنساء وخفتهم وهم يخطرون في رقصات فخمة تحت آلاف الأضواء؟ لقد أراد الملك أن يحتفل بمولد ابنه البكر، الدوفان،