للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مدى قرون عدة، حتى جاء مستكشف فرنسي سنة ١٨٥٨، وهو يشق لنفسه الطريق خلال الجزء الأعلى من وادي نهر ميكونج، وعندئذ وقع بصره خلال الأشجار والغصون، على منظر بدا له معجزة من المعجزات، إذ رأى معبداً ضخماً يبلغ في تصميم بنائه حداً من الجلال لا يكاد يصدقه العقل؛ رآه قائماً وسط الغابة، تلتف حوله: وتكاد تخفيه أغصان الشجر وأوراقه، وشهد في ذلك اليوم معابد كثيرة كان بعضها قد غطته الأشجار فعلا أو شَقَّته نصفين؛ فالظاهر أن هذا المستكشف قد وصل في أخر لحظة يمكن فيها أن يحول دون انتصار الأشجار الملتفة على هذه الآيات التي أبدعتها يد الإنسان، ولم يؤمن أحد بصدق ما رواه هذا الرحالة "هنري موهو" حتى ذهب إلى المكان غيره من الأوربيين وأيدوا روايته؛ وبعدئذ هبطت بعثة علمية على ذلك المكان الذي قد كان يوماً صومعة مسكونة، وقامت مدرسة بأسرها في باريس، هي "مدرسة الشرق الأقصى" كرست نفسها لرسم هذا البناء المستكشف ودراسته؛ هذا هو "أنجوروات" الذي يعد اليوم أعجوبة من أعاجيب العالم (١).

كان يسكن الهند الصينية، أو كمبوديا، في نهاية التاريخ المسيحي، قوم أغلبهم من الصينيين، ومنهم فريق من أهل التبت، وكان هؤلاء السكان في جملتهم يسمون بالخمارسة (أو الخمبوجيين)؛ فلما زار "تشيو - نا - خوان" - وكان يسفر لقبلاي خان - عاصمة "خامر" واسمها "انكورثوم"، وجد حكومة قوية تحكم أمة جمعت ثراءها من أرزها وعرقها، ويقول "تشيو " إن ملكهم كانت له خمس زوجات "إحداهن خاصة، والأربع الأخريات يقابلن الجهات الرئيسية الأربع" كما كان له نحو أربعة آلاف محظية يحددن أوضاع إبرة البوصلة على تفصيل أدق (١١٤)؛ وكانت البلاد تزخر بذهبها


(١) في سنة ١٦٠٤ روى مبشر برتغالي عن صيادين أنهم رووا له عن خرائب في الغابة؛ وكذلك قال قسيس آخر قولاً شبيهاً بهذا سنة ١٦٧٢، لكن هذه الروايات لم يلتفت إليها أحد.