للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وحليها، والبحيرة مليئة بزوارق النزهة، وشوارع العاصمة غاصة بالعربات والهوادج ذات الستائر، والفيلة المطهمة، وكان سكانها يقربون من المليون، ومستشفياتهم كانت ملحقة بمعابدهم، ولكل منها جماعتها الخاصة من ممرضات وأطباء (١١٥).

ولئن كان السكان صينيين، فقد كانت ثقافتهم هندية، تقوم دياناتهم على أساس بدائي هو عبادة الثعبان "ناجا" الذي ترى رأسه المروحية أينما وجهت النظر في الفن الكمبودي، وبعدئذ دخل آلهة الهندوسيين الكبار، الذين يكوّنون الثالوث الهندي وهم براهما: وفشنو، وشيفا، دخلوا تلك البلاد عن طريق بورما؛ وفي الوقت نفسه تقريباً جاء بوذا وارتبط عندهم بفشنو وشيفا، وأصبح إلهاً مقرباً عند الخمارسة، وتنبئنا النقوش عن الكميات الهائلة من الأرز والزبد والزيوت النادرة التي كان يقدمها الشعب كل يوم إلى القائمين بخدمة الآلهة (١١٦).

وفي أواخر القرن التاسع، أهدى الخمارسة إلى الإله شيفا أقدم ما بقي لنا من معابدهم - معبد بايون - وهو الآن خراب منفر تكسوه إلى نصفه أنواع من النبات الذي يمسك بجذوره في الجدران فلا يزول عنها، وأما أحجاره التي وضعت بغير ملاط، فقد تباعدت في غضون الألف عام التي انقضت، حتى نتج عن تباعدها مَطٌّ في وجوه براهما وشيفا، على نحو جعلها تبدو مكشِّرة عن أنيابها في ابتسامة صفراء لا تليق بالآلهة، ومن تمثيل هذين الإلهين تكاد تتكوّن الأبراج كلها، وبعد ذلك بثلاثة قرون استخدم العبيد ومن جاء بهم الملوك من أسرى الحرب في بناء "أبحوروات" (١١٧) وهي آية فنية تضارع أجمل الآثار المعمارية عند المصريين أو اليونان أو بناء الكاتدرائيات في أوربا، ويحيط بهذا المعبد فندق كبير طوله اثنا عشر ميلاً، ويَعْبُرُ الخندق جسرٌ مرصوف تحرسه ثعابين الناجا المخيفة نحتت من الحجر، وبعدئذ يجيء جدار مزخرف يحيط بالمعبد، تتلوه أبهاء فسيحة على جدرانها نقوش