فوق رءوسهم بعد ذلك الغبار الذي أثارته عليهم رسائل بسكال الإقليمية، والجانسنية مازالت بخير، واللاجئون الهيجونوت يؤلبون نصف أوربا على الملك الورع، والناس يقرؤون مونتيني أكثر مما يقرؤون بسكال، وهويز وسبينوزا وبيل يكيلون اللطمات الهائلة لصرح الإيمان. يقول القديس فانسان دبول (١٦٤٨)، "يشكو عدة رعاة من أن عدد من يتناولون القربان قد تقلص، ففي سان-سولبيس نقص العدد ٣٠٠٠، ووجد راعي سان-نيكولا-دو-شاردونيه أن ١. ٥٠٠ من رعايا أبرشيته تخلفوا عن قربان القيامة (١٢٤) ". وقال بيل في ١٦٨٦ "إن العصر الذي نعيش فيه يحفل بأحرار الفكر والربوبيين، ويدهش الناس لكثرة عددهم (١٢٥) ""ويسود عدم المبالاة الرهيب بالدين في كل مكان (١٢٦) " وقد عزا هذا إلى حروب العالم المسيحي وجدلياته. وقال نيكولا:"ليكن معلوماً أن الهرطقة الكبرى في العالم ليست الكالفنية ولا اللوثرية، بل الإلحاد (١٢٧) ". وقالت الأميرة بالاتين في ١٦٩٩ "قل أن يجد المرء الآن شاباً لا يشتهي أن يكون ملحداً (١٢٨) " وروى لايبنتز أن في باريس (١٧٠٣)"تفشت بدعة من يسمونهم العقول القوية، ويسخر الناس هناك من التقوى … وتحت حكم ملك تقي صارم مطلق السلطة، تجاوزت فوضى الدين كل الحدود التي شهدناها من قبل في العالم المسيحي (١٢٩) ". وبين ذوي العقول القوية-وهي قوية إلى درجة تكفي للتشكك في كل شيء تقريباً-نجد سان إفريمون، ونينون دلانكاو، ورنييه ملخص فلسفة جاسندي، ودوقي نيفير وبوبون. وأصبح "التآميل" الذي كان يوماً مقراً لفرسان المعبد (الداوية) في باريس، مركزاً لجماعة صغيرة من أحرار الفكر-شولييه وسيرفيان، ولافاز، الخ-الذين أسلموا تهكمهم بالدين إلى عهد الوصاية. أما فونتنيل، الذي قارب المائة وتحدى الفناء وأفسح له في الأجل حتى تبادل النكت مع الموسوعيين، فكان في ١٦٨٧ ينشر كتابه (تاريخ النبؤات) ويقوض في خبث أساس المسيحية المعجز. وهكذا مهد لويس في نشوة تقواه وورعه الطريق لفولتير.