وعاش رئيس الأساقفة يعلل نفسه بأن تلميذه سيرث العرش عما قليل، وعنها يدعوه ليكون وزيره كما كان ريشليو وزيراً للويس الثالث عشر. ولكن الحفيد مات قبل أن يموت الجد بثلاث سنين، ثم سبق فنيلون نفسه لويس إلى القبر بتسعة أشهر (٧ يناير ١٧١٥).
أما بوسويه فكان قد سبقهما بزمان. لقد كان تعساً في أخريات أيامه، حقاً إنه انتصر على فنيلون، وعلى دعاة السلطة البابوية المطلقة، وعلى المتصوفة، ورأى الكنيسة منتصرة على الهيجونوت، ولكن هذه الانتصارات كلها لم تيسر له قذف الحصى من مثانته. وقد برح به الألم تبريحاً جعل من العسير عليه أن يحتمل الجلوس في المكان الذي أولع بالجلوس فيه في احتفالات البلاط، وتساءل الساخرون القساة، لم لا يستطيع أن يذهب إلى مو ويموت في هدوء. وقد رأى من حوله ظهور الإرتيابية، ونقد الكتاب الكمقدس، والجدليات الروتستنتية العنيفة التي صوبت في غير تقوى إلى رأسه. فها هو على سبيل المثال ذلك الهيجونوتي المنفي جوريو يخبر العالم بأنه هو، بوسويه، أسقف الأساقفة، والصورة المجسمة للفضيلة والاستقامة، كذاب أشر يعاشر المحظيات (١٢٢). وقد بدأ تأليف كتب جديدة للرد على هؤلاء الخصوم السفهاء، ولكن الحياة كانت تنحسر عنه وهو يكتب، وفي ١٢ إبريل ١٧٠٤ وضع الموت حداً لآلامه.
ويبدوا لأول وهلة أن بوسويه يعين أوج الكاثوليكية في فرنسا الحديثة. فقد لاح أن المذهب القديم قد استرد كل الأرض التي استولى عليها لوثر وكالفن. وكان الرجال الأكليروس يصلحون من أخلاقهم، وراسين يخصص مسرحياته الأخيرة للدين. وكان بسكال قد أدار دوائر الإرتيابية على المرتابين، والدولة جعلت نفسها وكيلاً مطيعاً للكنيسة، والملك أوشك أن يكون يسوعياً.
ومع ذلك لم يكن الموقف بالغ الكمال. فاليسوعيون لم ينقشع من