وفضلاً عن هؤلاء المثالين جميعاً، وعلى مبعدة منهم، وفي تحدٍ لمثالية النحت الرسمي الناعمة، أنطق بيير بوجيه إزميله بغضب فرنسا وبؤسها. وقد ولد في مارسيليا (١٦٢٢) وبدأ حياته الفنية حفاراً في الخشب، ولكن نفسه تاقت كما تاقت نفس معبوده ميكل أنجيلو من قبل لأن يصبح في وقت واحد مصوراً ومثالاً ومعمارياً. وقد أحس أن الفنان العظيم ينبغي أن يسيطر على هذه الفنون جميعاً. وإذ كان يحلم بأفذاذ الفنانين الإيطاليين فقد سار من مرسيليا إلى جنوة إلى فلورنسة إلى روما. وتتلمذ في حماسة لبييترودا كورتونا في زخرفة قصر بارباريني، وتشرب كل صدى وأثر لبوناروتي، وحسد برنيني على شهرته المتعددة الجوانب. فلما عاد إلى جنوة نحت تمثال القديس سبستيان الذي أذاع اسمه لأول مرة، فلكفه فوكيه، الذي سبق لويس الرابع عشر في تبين مواهب هذا الفنان أيضاَ، بأن ينحت تمثال "هرقول (٢٢) " لقصر فو، ولكن فوكيه سقط، فهرع بيير إلى الجنوب ليعتكف في فقره ويجتر همومه. ولما كلف بنحت مجموعة "أطلانطيس"-وهي تماثيل رخامية لأطلس، ليجمل بها شرفة "الأوتيل دفيل"، صاغ التماثيل على غرار الحمالين الكادحين في أرصفة الشحن، وكان ينطق عضلاتهم المكدودة ووجوههم التي شوهها الألم بصرخة الثورة- ثورة المطحونين الذين يحملون العالم على أكتافهم. ولكن فناً كهذاً ما كان ليعجب فرساي.
ومع ذلك فأن كولبير الذي فتح ذراعيه للمواهب طلب إليه أن ينحت تماثيل يؤثر أن تكون ذات مسحة أسطورية بريئة. فأرسل إليه بوجيه ثلاث قطع محفوظة الآن باللوفر: نحتاً قليل الغور لطيفاً يمثل الإسكندر وديوجين، وتمثالاً فيه جهد وإسراف لبيرسيوس وأندوميدا، وتمثالاً عنيفاً لميلوكورتونا-ذلك النباتي الجبار يحاول الخلاص من فكي أسد عنيد ومخالبه.