الديانة التي ركبها تركيباً من عناصر اختار بعضها من هذه وبعضها الآخر من تلك؛ وأول أثر فني بقي لنا من حكمه، هو القبر الذي شيده قريباً من دلهي لأبيه "هميون"، وفيه يتمثل طراز من الفن خاص به - هو بسيط التخطيط، معتدل الزخارف، لكنه مع ذلك ينبئ برشاقة بنائه عما ستنتهي إليه الطريق في أبنية "شاه جهان" التي تفوقه جمالاً؛ وفي "فتح بورسِكْري" أقام له فنانوه مدينة امتزجت فيها قوة المغول الأوائل كلها برقة الأباطرة المتأخرين فهناك سُلّم يؤدي صعوداً إلى بوابة رائعة بنيت من الحجر الرملي الأحمر، وخلال قوسها الفخم يدخل الداخل إلى قاعة ملئت بآيات الفن الروائع، والبناء الأساسي عبارة عن مسجد، لكن أجمل أجزاء البناء ثلاث مقصورات أعدت لزوجات الإمبراطور المقربات إليه، والقبر المرمري الذي دفن فيه صديقه "سليم شِستي" الحكيم؛ فها هنا بدأ رجال الفن في الهند يُظهرون تلك المهارة في وشي الحجر التي بلغت ذروتها في الستار الموجود في "تاج محل".
ولم يسهم "جهان كير" في تاريخ العمارة عند شعبه إلا بقسط ضئيل، أما ابنه "شاه جهان" فقد كاد يجعل من اسمه اسماً يضارع اسم "أكبر" في سطوعه لميله الشديد نحو البناء الجميل؛ فأخذ ينثر ماله نثراً بغير حساب على رجال الفن عنده، على نحو ما نثر "جهان كير" ماله بغير حساب على زوجاته؛ وقد صنع ما صنعه ملوك أوربا الشمالية، في استدعائه لرجال الفن الإيطاليين الذين فاضوا عن حاجة بلادهم، وجعلهم يعلَّمون رجال النحت في بلاده كيف يطعمون المرمر بفسيفساء من الأحجار الكريمة، ذلك الفن الذي أصبح أحد مميزات الزخرفة الهندية في عصره؛ ولم يكن "جهان" مسرفاً في تدينه، ومع ذلك فمسجدان من أجمل مساجد الهند بُنيا في ظل رعايته، وهما مسجد الجمعة في "دلهي" ومسجد اللؤلؤة في "أجرا".
وبنى "جهان" في "دلهي" وفي "أجرا""حصونا" - وهي مجموعات