حال انتهى ملك "المتحذلقات". وقد أشار بوالو في هجائيته العاشرة إلى تلك "العقول الجميلة التي كانت بالأمس ذائعة الصيت، والتي فرغها موليير بضربة واحدة من فنه".
وقد نجحت المسرحية نجاحاً ضوعف معه أجر مشاهدتها عقب حفلة الافتتاح. وقد مثلت في عامها الأول أربعاً وأربعين مرة، وأمر الملك بإحياء ثلاث حفلات للبلاط، حضرها جميعاً، ونفح الفرقة بثلاثة آلاف جنيه. وما وافى فبراير ١٦٦٠ حتى كانت الفرقة الشاكرة قد دفعت ٩٩٩ جنيهاً جعالة للمؤلف. ولكنه كان قد ارتكب غلطة إذ ضمن المسرحية إشارة هجا بها ممثلي المسرح الملكي "فما من إنسان قادر على أن يشهر شيئاً إلا هم، أما غيرهم فقوم جهلاء يمثلون أدوارهم كأنهم يتحدثون. هؤلاء لا يفقهون كيف يجعلون أبيات الشعر تجلجل، أو كيف يقفون عند فقرة جميلة. فكيف تعرف الأبيات الرائعة إذا لم يقف الممثل عندها ويخبرك بهذه الطريقة أن تصفق استحساناً (١٣)؟ ".
وأعربت فرقة الأوتيل دبوربون عن احتقارها السافر لموليير لعجزه عم إخراج المأساة، ولقدرته على الملهاة الرخيصة دون غيرها. وعزز موليير حجتهم بتأليفه وعرضه مسلاة "فارص" متوسطة الجودة سماها "الديوث بالوهم" ولو أن الملك سر بأن يشهدها تسع مرات.
وكانت التغييرات تجري خلال ذلك في مبنى اللوفر القديم، فهدمت صالة البتي بوربون في استهتار، ولاح حيناً أن "فرقة المسيو" التي يرأسها موليير لن تجد لها مسرحاً. ولكن الملك العطوف دائماً بادر إلى إنقاذه بأن خصص له في الباليه-رويال "الصالة" التي خصصها ريشليو لعرض التمثيليات. وهناك ظلت فرقة موليير حتى مماته وكأنها جزء من جسم البلاط. وكان أول عرض له في هذا المأوى الجديد آخر محاولاته في المأساة، وهي "دون جراسي". وكان رأيه-وله فيه بعض العذر-