التخمين ما كان عليه بادئ أمره من جلال؛ فهنا وسط الحدائق الكثيرة كان مسجد اللؤلؤة ومسجد الجوهرة وقاعتا الاجتماعات العامة والخاصة وقصر العرش وحمامات الملك وقاعة المرايا وقصور "جهان كير" و "شاه جهان" وقصر الياسمينة لـ "نور جهان" وبرج الياسمينة الذي كان يطل منه "شاه جهان" وهو أسير، يطل منه عَبر "الجمنة" على القبر الذي كان ابتناه لزوجته الحبيبة "ممتاز محل".
ويعرف العالم كله ذلك القبر باسم تلك الزوجة المختصر وهو "تاج محل" وما أكثر مهندسي العمارة الذين يضعون هذا البناء في منزلة تجعله أكمل بناء قائم على وجه الأرض في يومنا هذا؛ وقد وضع تصميمه ثلاثة من رجال الفنون: فارسيّ يدعى "أستاذ عيسى"، وإيطالي يدعى "جيرونيمو فيرونيو" وفرنسي يسمى "أوستن دي بوردو"؛ ولم يُسْهم في فكرته هندي واحد، فهو بناء لا هندوسي من أوله إلى آخره، وهو إسلامي خالص؛ حتى مهرة الصناع جيء ببعضهم من بغداد والآستانة وغيرهما من مراكز المِلَّة الإسلامية (١٢٤).
وقد لبث اثنان وعشرون ألفاً من العمال اثنين وعشرين عاماً مسخّرين في بناء "التاج"، وعلى الرغم من أن المرمر جاء إلى "شاه جهان" هدية من "مهراجا جايبور" فقد كلَّف البناء وما حوله ما يساوي اليوم مائتين وثلاثين مليوناً من الريالات الأمريكية - وهو في ذلك العهد مبلغ ضخم من المال (١)
(١) فكر "لورد وليم بنتنك" - وهو يعد من أرحم من حكموا الهند من البريطانيين - يوماً في أن يبيع التاج بمائة وخمسين ألف ريال إلى مقاول هندي كان يعتقد أنه يستطيع استغلال مواد البناء على أحسن وجه لكن منذ استولى على الحكم "لورد كيرزن" وحكومة البريطانيين في الهند دائمة العناية الفائقة بآثار المغول.