للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكاملة يحب سيليمين التي تؤثره، ولكن يطيب لها أن ترى العدد العديد من الخطاب وتسمع الكثير من المديح. ويجد موليير في هذا مجرد ذريعة لدراسة الفضيلة. فهل من واجبنا أن نقول الصدق دائماً، أم نحل المجاملة محل الصدق لكي نتقدم في هذه الدنيا؟ أما ألسيست فيرفض أنصاف الحلول التي يتراضى بها المجتمع مع الصدق، ويندد برياء البلاط، حيث يتظاهر كل إنسان بأسمى العواطف و"أحر التحيات" في حين يكيد كلٌ لغيره سراً تحقيقاً لمصلحته الشخصية، ويغتابهم جميعاً، ويستعين بالتملق على نيل الحظوة أو السلطة. وألسيست يحتقر هذا كله، ويريد أن يكون صادقاً ولو أفضى به الصدق إلى الانتحار. ويصر شويعر من رجال البلاط يدعى أورونت على قراءة أشعاره على ألسيست، ويطلب إليه أن ينقدها نقداً مخلصاً؛ وينال ما طلب، فيهدد ويتوعد بالانتقام. وتغازل سيليمين الرجال، فيوبخها ألسيست، فتصفه بأنه إنسان متزمت مغرور، ونكاد نسمع موليير يوبخ زوجته المرحة، والواقع أنه هو الذي لعب دور ألسيست، وهي التي مثلت سيليمين:

ألسيست: سيدتي، أتسمحين لي أن أكون صريحاً معك؟ إنني لشديد الاستياء من تصرفاته .. أنا لا أتشاجر معكِ، ولكن مسلككِ يا سيدتي يفتح لأول وافد سبيل إلى قلبك. إن لك عدد هائلاً من العشاق الذين نراهم يحاصرونكِ، ونفسي لا تستطيع الرضى بهذا.

سيليمين: أتلومني لأنني أجذب العشاق؟ أهو ذنبي أن الناس يجدونني جديرة بالحب؟ وإذا بذلوا المحاولات اللطيفة لرؤيتي أفآخذ عصا وأطردهم خارجاً؟.

ألسيست: لا، ليست العصا هي ما يجب أن تستعمليه، بل روحاً أقل استسلاماً وذوباناً أمام عهودهم. أعرف أن جمالك يتبعك في كل مكان ولكن ترحيبك يزيد من تجتذبه عيناك تعلقاً بك، وتلطفك مع جميع من يستسلمون لك يكمل في قلوبهم فعل مفاتنك (٣٦).