للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ولعلها حدت بفولتير وغيره (٢٣) إلى اعتبار أتالي أعظم الدرامات الفرنسية. على أن الأبيات التالية لهذه توحي بأن رئيس الكهنة إنما كان يحاج دفاعاً عن خضوع الملوك للكهنة.

أما لويس، الذي بز الآن راسين في تقواه وورعه، فلم يرَ بالتمثيلية بأساً. وواصل استقبال راسين في القصر رغم ما عرف عن الشاعر من تعاطف مع البور-رويال. ولكن في سنة ١٦٩٨ حجب الملك رضاءه. ذلك أن راسين، بناء على طلب مدام دمانتون، وضع بياناً بألوان العذاب الذي ابتلى بها الشعب الفرنسي في أواخر الحكم. وفاجئها الملك وهي تقرأ الوثيقة، وأخذها منها، وانتزع منها اسم كاتبها، وأخذته سورة الغضب وقال "ألكونه شاعراً فحلاً يحسب أنه يعرف كل شيء! ألا أنه شاعر كبير يريد أن يكون وزيراً لأيضاً! " أما مانتنون فقد أكدت لراسين وهي تفيض في الاعتذار له أن الزوبعة ستمر سريعاً. ولقد مرت؛ وما لبث راسين أن عاد إلى البلاط واستقبل استقبالاً كريماً، وإن بدا له أقل حرارة من ذي قبل (٢٣) (١).

أما الذي قتل الشاعر فلم يكن نظرة فاترة من الملك بل خراجاً من الكبد. وقد أجريت له جراحة، وخف ألمه فترة، ولكنه لم يكن واهماً حين قال: لقد أرسل الموت إلى كشف حسابه (٢٦) وجاء بوالو، وهو يشكو المرض، ليلازم صديقه العليل. وقال راسين "إني مغتبط لأنه سمح لي أن


(١) يقول ابن راسين: "لقد عاد إلى القصر غير مرة، وكان على الدوام يتشرف بالحديث إلى جلالته (٢٤) " أما سان-سيمون فيروي قصة غير هذه: فهو يزعم أن راسين فقد الحظوة لأنه انتقد ملاهي سكارون في حضرة مدام دمانتون والملك "وهنا احمر وجه الأرملة المسكينة، لا للنيل من سمعة الرجل المشلول، بل لسماعها اسمه ينطق به في حضرة خلفه. كذلك ارتبك الملك … وانتهى المر بأن صرف الملك راسين أنه زاعماً ذاهب إلى عمله … ولم يكلم الملك ولا مدام دمانتون بعدها راسين حتى ولا نظرا إليه". وهذا التحليل لسخط الملك على راسين مرفوض الآن عموماً (٢٥).