للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن راسن شارف الرومانسية في طابع للشاعر التي عبر عنها وفي حدتها، وذلك رغم الفكرة الكلاسيكية، فكرة العقل يطغى على الحياة ويضبط العاطفة والحديث. وبينما نجد العاطفة في كورنبي تؤكد على الشرف، والوطنية، والنبالة، نجدها في راسين تتركز إلى حد كبير حول الحب أو العاطفة المشبوبة؛ ونح نحس فيه تأثير رومانسيات دورفيه، ومدام دسكوديري، ومدام دلافاييت. وكان سوفوكليس أكثر من يعجب بهم من المسرحيين قاطبة، ولكنه يذكرنا أكثر بيوربيديس، الذي تحول فيه قصد سوفوكليس وجلال عبارته بين الحين والحين إلى إفراط في الحماسة والوجدان. وفي هاملت أو مكبث إلى القصد في الحديث أكثر مما في أندرو ماك أو فيدر. وقد أعرب راسين صراحة عن رأيه في أن "أول قاعدة" للدراما "هي أن تسر وأن تمس القلب (٣٠) " وقد فعل هذا بتعامله مع القلب، وباختياره شخوصه الرئيسيين من بين أفراد-كانوا عادة من النساء-مرهفي العاطفة، وتحويله تمثيلياته إلى سيكلوجية العاطفة.

وقد وافق على الحظر الكلاسيكسي للحركة العنيفة على المسرح، ومن ثم أخذ نفسه بالتعبير عن العاطفة بالكلام فقط. وألقى هذا عبئاً ثقيلاً على أسلوبه، فأصبحت المسرحية سلسلة من الخطب، وكان استرساله في الأبيات الإسكندرية المتتابعة-وهي ذات المقاطع الاثني عشر والقوافي المزدوجة-هذا الاسترسال أشرف بشعره على الرتابة المملة؛ فنحن نفتقد في راسين وكورنبي ما يطالعنا في الشعر الإليزابيثي المرسل من مرونة، وطبيعية، وتنوع لا آخر له. وياله من جهد عبقري ذلك الذي اقتضاه رفع هذا الشكل الضيق من تماثله الممل، بقوة الأسلوب وجماله! أن راسين وكورنبي ينبغ ألا يقرأ، بل يجب أن يسمعا، وحبذا أن يكون ذلك ليلاً في فناء الأنفاليد أو اللوفر.

والمفاضلة بين راسين وكورنبي هواية قديمة لدى الفرنسيين. أما مدام دسفينييه، فأنها بعد أن شهدت "بايزيد" وقبل أن تمثل-إفجيني