حضوره الصلوات الأنجليكانية (٤٢). وكانت الكاثوليكية لا تزال خروجا على القانون. وأعدم قسيسان شنقاً (١٦٥٠ - ١٦٥٤) بتهمة "تضليل الشعب"، وفي ١٦٥٧ أصدر برلمان البيوريتانيين، بموافقة كرومول، قانونا يقضي بمصادرة ثلثي ممتلكات أي فرد جاوز السادسة عشرة، لم يتنصل من الكاثوليكية ويبرأ منها (٤٣). وفي ١٦٥٠ كانت العقيدة الدينية قد أصبحت أساساً لوضع اجتماعي طبقي: فكان الفقراء يتحيزون للمذاهب المعارضة - أنصار العماد، الكويكرز، أصحاب فكرة الملكية الخامسة، وغيرها، أو الكاثوليك. أما الطبقات الوسطى فكانت البيوريتانية غالبة فيها. على حين أن الأرستقراطية ومعظم ذوي الحسب والنسب (ملاك الأرض الذين لا ألقاب لهم) كانوا يشايعون الكنيسة الأنجليكانية التي لم تعد الدولة تعترف بها.
وانعكس التعصب الديني رأساً على عقب، اكثر مما تناقص أو خفت حدته. ذلك انه بدلا من اضطهاد الأنجليكانيين للكاثوليك المنشقين والبيورينانيين الذين تعالت صيحاتهم من قبل طلبا للتسامح، باتوا الآن يضطهدون الكاثوليك والمنشقين والأنجليكانيين. وحرموا استعمال "كتاب الصلوات العامة" ولو سراً في المنازل. وقصر برلمان البيوريتانيين التسامح على أولئك البريطانيين الذين ارتضوا التثليث وإصلاح الديني والكتاب المقدس باعتباره كلمة الله، كما ارتضوا نبذ الأساقفة. أما اتباع سوسينوس أو التوحيديون فلم يشملهم التسامح بناء على ذلك. وفرضت عقوبات صارمة على أي نقد يوجه إلى العقيدة أو الطقوس الكلفنية (٤٤). وكان كرومول اكثر تسامحا من برلماناته، فتغاضى عن بعض الصلوات الانجليكانية، ورخص لجماعة صغيرة من اليهود بالإقامة في لندن، بل وبناء معبد لهم، واتهمه اثنان من الوعاظ من أنصار عدم تجديد العماد بأنه "وحش سفر الرؤيا"(النبي الكذاب)، ولكنه احتمل هجومهما صابراً (٤٥).