للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مسار الصفحة الحالية:

النسوة بأوشحتهن أمام جواده وأنشدن: "مقدس، مقدس، مقدس رب القربان المقدس" وقبض عليه بتهمة التجديف. ولما سألوه عن دعاواه أو الدعاوى التي نسبوها إليه، لم يكن جوابه سوى جواب المسيح "أنت قلت" وعرض البرلمان إذ ذاك، وكان البيوريتانيون يسيطرون عليه لقضية تايلر (١٦٥٦) وظل أحد عشر ويما يناقش موضوع إعدامه. وسقط القرار بأغلبية ٩٦ ضد ٨٢ صوتا. ولكن سادت روح تنادي بحل وسط إنساني فحكم عليه يقف ساعتين كاملتين وعنقه في آلة التعذيب (المشهرة)، ويجلد ١٣٠ جلدة، وتدمغ جبهته بالحرف الأول من لفظة مجدف ( B في الإنجليزية)، وأن يثقب لسانه بقضيب من الحديد المحمي، واحتمل هذه الفظائع بشجاعة. وحياه أتباعه على أنه شهيد، وقبلوا جراحه وامتصوها واحتجزوه وحيدا في معتقل لا قلم ولا ورق ولا تدفئة ولا ضوء فيه وانهارت روحه المعنوي يوما بعد يوم، فاعترف بأنه غرر به، فأفرج عنه في ١٦٥٩، وقضى نحبه فقيرا معدما في ١٦٦٠ (٦٤).

ولقد تميز الكويكرز بما بدا لبعض معاصريهم بأنه أشياء غريبة تثير المتاعب. إنهم لم يجيزوا أي أثر للزخرف والتبرج في ملابسهم. وأبوا أن يخلعوا قبعاتهم لأي إنسان مهما كانت مكانته، حتى في الكنيسة أو القصر أو المحكمة. ولم يخاطبوا أي فرد بغير ضمير المفرد (أنت) بدلا من ضمير الجمع (أنتم) الذي يوحي أصلا بالتشريف والتكريم. ونبذوا الأسماء الوثنية لأيام الأسبوع وشهور السنة، فكانوا يقولون على سبيل المثال: "اليوم الأول من الشهر السادس" وأقاموا الصلوات في العراء أو بين الجدران بنفس السهولة واليسر وطيب النفس، وكان كل فرد من المصلين يدعى ليخبر بما أوحي به إليه الروح القدس أن يقول، ثم يروج الجميع بعد ذلك في صمت رهيب يكلله الجلال والوقار، وكأنما هذا الصمت عقار مهدئ مسكن بعد نوبة الحماس والغيرة - وهو صمت يعني في أساسه عندهم "إحساس بروح خيرة في أعماقهم". ورخص للنساء في الصلاة