وفي ٥ أغسطس ١٦٥٤ بعث كرومول إلى فيليب الرابع ملك أسبانيا بتوكيدات الصداقة بينهما. وفي ٦ أكتوبر أرسل إلى البحر المتوسط أسطولا بقيادة بليك. وفي ديسمبر أتبعه بأسطول آخر تحت إمرة وليم بن (والد أحد أعضاء الكويكرز) وروبرت فينابل، للاستيلاء على جزيرة خسبانيولا (إحدى جزر الهند الغربية) من أسبانيا وأخفقت هذه المحاولة الأخيرة، ولكن بن استولى على جمايكا لإنجلترا (١٦٥٥).
وفي ٣٠ نوفمبر ١٦٥٥ وقع كرومول ومازاران "وكلاهما يخضع الدين للسياسة" تحالفاً إنجليزياً فرنسياً ضد أسبانيا. إن الحرب التي كانت أسبانيا قد استمرت تشنها على فرنسا بعد معاهدة وستغاليا ١٦٤٨ كانت قد شغلت هاتين الدولتين أيما شغل عن التدخل في شأن كرومول واستيلائه على مقاليد الحكم في إنجلترا، أما الآن فإنها هيأت لسياسته الخارجية نجاحا رائعا، وإن كان عابرا. وتربص بليك لوقت غير قصير، لأسطول الفضة القادم من أمريكا، حتى عثر عليه في ميناء سانتا كروز في جزر كاناري، ودمره عن آخره (٢٠ أبريل ١٦٥٧). وأخذ الجنود الإنجليز زمام المبادرة في هزيمة الجيش الأسباني في معركته تلال الدونز (بالقرب من دنكرك) في ٤ يونيه ١٦٥٨. ولما انتهت الحرب بصلح البرانس (١٦٥٩) تخلت فرنسا عن دنكرك لإنجلترا، وبدا كرومول وكأنه عوض عن فقدان ماري تيودور لثغر كالية قبل ذلك بقرن من الزمان. أنه فكر في أن يقضي على اسم الإنجليز من العظمة ما كان للرومان من قبل، وكان قاب قوسين أو أدنى من تحقيق هدفه، فقد أصبح لإنجلترا السيادة على البحار، ومن ثم كانت المسألة مسألة وقت حتى تسيطر على أمريكا الشمالية، وتمد حكمها وسلطانها في آسيا. ونظرت أوربا كلها بعين الفزع الى البيوريتاني الذي كان يسبح الله ولكنه ابتنى بحرية، وألقى المواعظ ولكنه كسب معركة، والذي أسس الإمبراطورية البريطانية بالقوة العسكرية وهو يردد اسم المسيح. أن الرؤوس التي تعلوها