التيجان، والتي حسبته محدث نعمة دعيا مغرورا، بدأت الآن تخطب وده وتلتمس التحالف معه دون أن تعير اللاهوت اهتماما.
ولكن جون ثورلو سكرتير مجلس الدولة أنذر كرومول بأنه كان من الخطأ أن يساعد فرنسا ضد أسبانيا، لأن فرنسا آخذة في الصعود على حين أن أسبانيا كانت آيلة للاضمحلال، وأن سياسة إنجلترا في تدعيم توازن القوى في القارة، إن لم تتطلب مساعدة أسبانيا، تقتضي يقينا عدم مساعدة فرنسا. والآن ١٦٥٩ كان لفرنسا السيادة في البر، وكان الطريق أمامها مفتوحا للتوسع في الأراضي الوطيئة وفرانش كونتية واللورين. وكم من رجل إنجليزي كان يجود بحياته لوقف أطماع لويس الرابع عشر العدوانية.
وفي نفس الوقت ازدهرت أحوال أمراء التجارة بسبب الحروب، وأعيد في ١٦٥٧ تنظيم شركة الهند الشرقية بوصفها مشروعا برأس مال مشترك، "وأقرضت" كرومول ستين ألف جنيه، حتى تتجنب تدقيق الحكومة في فحص شئونها (٦٦). وكانت هذه الشركة الآن من أقوى العوامل في اقتصاد إنجلترا وفي سياستها. وواجهت الحكومات نفقات الحرب برفع الضرائب إلى حد لم تبلغه في عهد شارل الأول وشارل الثاني. وباعت معظم أراضي التاج وأراضي الكنيسة الإنجليكانية، وضياع كثير من الملكيين، ونصف أراضي إيرلندة، وبرغم ذلك كله بلغ متوسط العجز السنوي ٤٥٠ ألف جنيه بعد ١٦٥٤. ولم ينتفع المواطن العادي إلا قليلا. وطرحت جانبا كل الأهداف التي ناضلت من أجلها الثورة الكبرى فيما بين ١٦٤٢ - ١٦٤٩. ولم يقل فظاعة عن ذي قبل فرض الضرائب دون موافقة البرلمان، والاعتقال غير القانوني، والمحاكمة دون محلفين، وبات حكم الجيش وحكم القوة دون تستر أشد إزعاجا وظلما عن ذي قبل، مذ أضفوا عليه مسحة من الدين. وأضحى حكم كرومول بغيضا ليس له مثيل، لا من قبل، ولا من بعد (٦٧).