والعامة، في السلم والحرب، سواء بسواء (٣٤)" وأول واجب على المعلم هو أن يغرس الخلق القويم في نفس التلميذ، "ويصلح ما أفسده آباؤنا الأولون"-أي أن يقهر نزعة الشر الطبيعية في الإنسان (الخطيئة الأولى) -أو (كما يجدر بنا أن نذكر الآن) أن يعيد تكييف الخلق القومي الذي سبق تشكيله وفقاً لحاجات مرحلة الصيد، نقول تكييفه تبعاً لمتطلبات حياة المدينة الحالية". وأحس ملتون أن هذا يمكن تحقيقه على خير وجه بأن نغرس في الذهن الناشئ إيماناً قوياً باله واحد بصير، وأن نعوده على ضبط النفس وفقاً لنظام واقي (التحرر من الانفعال، عدم التأثير بالفرح أو الترح، الخضوع دون تذمر لحكم الضرورة) وضرب لتلاميذه مثلاً يحتذونه: "الدراسة الشاقة والطعام اليسير". فقلما أجاز لنفسه يوماً "اللهو والمتعة (٣٥) وبعد الدين والأخلاق، يجب أن تأتي الدراسات اللاتينية والإغريقية القديمة، والتي لم يستخدمها ملتون مجرد نماذج للأدب، بل وسائل لدراسة العلوم الطبيعية والجغرافيا والتاريخ والقانون والأخلاق والفسيولوجيا والطب والزراعة وهندسة العمارة، والخطابة والشعر والفلسفة واللاهوت. وإذا كان هذا التوفيق الفريد بين العلم والإنسانيات قد أفترض أن النزر اليسير قد أضيف إلى العلم منذ سقوط روما، فيجب أن نلاحظ أن هذا حقيقي فعلاً، اللهم إلا بالنسبة لجاليليو، بل أن كوبرنيكس نفسه كان له سلفه الإغريقي في شخص أرستارخوس. وفوق ذلك، اقترح ملتون تعريف تلاميذه كذلك ببعض النصوص الحديثة في العلوم والتاريخ، بل حتى ببعض النماذج الحية في الفنون العملية، وكان يأمل في أن يستقدم إلى حجرات الدراسة صيادين وبحارين وبساتين ومشتغلين بالتشريح وصيدليين ومهندسين ومعماريين، لينتقلوا إلى التلاميذ أحدث ألوان المعرفة في هذه المجالات (٣٦) وخصص وقتاً كافياً للموسيقى والتمثيل، وساعة ونصف الساعة يومياً للرياضة البدنية والتدريب العسكري. ويمكن أن يطوف طلابه أرجاء البلاد في جماعات على صهوات الجياد، يرافقهم أدلاء معروفون