في "المهرجان العالمي" وخاطب الحاضرين على أنه يمثل العقيدة الهندوسية، فاستولى على قلوب السامعين جميعا بطلعته المهيبة، ومذهبه الذي يوحد العقائد الدينية جميعا، وشريعته الخلقية البسيطة التي تجعل خدمة الإنسانية خير عبادة يتوجه بها الإنسان لله؛ فأصبح الإلحاد ديانة شريفة بفعل السحر الذي نفثته بلاغته، ووجد الشيوخ المتزمتون من رجال الدين ألا مناص من احترام هذا "الوثني" الذي يعلن بألا إله غير أرواح الكائنات الحية؛ ولما عاد إلى الهند جعل يبشر بني وطنه بعقيدة دينية لم يشهد الهندوسيون ما يفوقها صلابة بين كل الديانات التي بشروا بها منذ العصر الفيدي:
"إن الديانة التي نريدها ديانة تقيم دعائم الإنسان … فانفضوا عن أنفسكم هذه التصوفات التي تنهك قواكم، وكونوا أقوياء … لنمح من أذهاننا خلال الخمسين عاما المقبلة … كل الآلهة الذين لا طائل وراءهم بحيث لا نبقي أمام أعيننا إلا خدمة الإنسان؛ فجنسنا البشري هو الإله الوحيد اليقظان، فيداه في كل مكان، إنه يشمل كل شيء … إن أولى العبادات كلها هي عبادة من يحيطون بنا … هؤلاء هم آلهتنا الذين لا آلهة لنا سواهم - أعني أفراد الإنسان والحيوان؛ وأول ما ينبغي لنا أن نعبده من هؤلاء الآلهة هم بنو وطننا"(٢٣).
لم يكن بين هذه التعاليم وبين غاندي إلا خطوة واحدة.