للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ويوجه الحديث إلى "حامي الحمى":

إننا جميعاً نقدرك حق قدرك ونقر بفضلك الذي لا يدانيه فضل، فأمض في طريقك القويم، ياكرومول، … يامحرر بلادك، ويا من أرسى دعائم الحرية فيها، ويا من تفوقت بأعمالك المجيدة، لا على إنجازات الملوك فحسب، بل على مغامرات أبطالنا الأسطورية أيضاً (٨٨).

ولكن بعد عبارات الإجلال والإكبار هذه، لم يتردد ملتون في أن يمحض كرومول النصح في أمر السياسة. فأشار عليه بأن يحيط نفسه برجال من أمثال فليتوود ولمبرت (وهما من المتطرفين)، وأن يدعم حرية الصحافة وأن يترك الدين منفصلاً تمام الانفصال عن الدولة. كما ينبغي ألا تجمع أية عشور لرجال الدين، فإنهم بالفعل متخمون، (وكل ما فيهم سمين، حتى عقولهم دون استثناء (٨٩) ". ويسترسل ملتون فيحذر كرومول من أنه "ونحن نعده، دوننا جميعاً، أعدل وأقدس وأفضل رجل" إذا أقدم على قمع الحرية التي دافع عنها، فلن تكون النتيجة إلا وبالاً ودماراً، لا لشخصه فحسب، بل كذلك لكل متطلبات الفضيلة والتقوى (٩٠). ويوضح ملتون بأجلى بيان أنه لا يقصد "بالحرية" الديمقراطية، وهو يسأل الناس:

لماذا يؤكد لكم أي إنسان حقكم في الاقتراع العام، أو قدرتكم على انتخاب من تريدون للبرلمان؟ هل من أجل أن تتمكنوا من انتخاب رجال من حزبكم في المدن، وفي الأقاليم، تنتخبون الرجل الذي مد لكم الموائد في بذخ بالغ، أو أسرف في تقديم الشراب برجال الريف والفلاحين السذج، سواء كان جديراً أو غير جدير بالانتخاب؟ ومن ثم لا يجتمع لنا في البرلمان أعضاء اتسموا بالحصافة والحكمة والخبرة والثقة، بل أعضاء صنعتهم الحزبية وموائد الطعام!!. وبعبارة أخرى تحصل على أعضاء من تجار الخمور والباعة المتجولين، من الحانات في المدن، ومن الرعاة ومربي الماشية في الريف، فهل يجدر بأي إنسان أن يكل أمور الجمهور لأمثال هؤلاء الذين لا يثق أحد أن يعهد إليهم بشأن من شئونه الخاصة (٩١)؟.