فلأن أن تكون حراً، هو بالضبط أن تكون تقياً عاقلاً عادلاً معتدلاً مكتفياً بذاتك، لا تمد يديك إلى ما بأيدي الناس، وقصارى القول، أن تكون شهماً رحب الصدر شجاعاً. أما إذا تجردت من هذا كله أو كنت على نقيضه، فإنك لن تعدو أن تكون عبداً رقيقاً. وقد حكم الله على الأمة التي لا تستطيع أن تحكم نفسها وتدبر أمورها بنفسها، والتي استعبدتها شهواتها، بأنها لابد أن تستسلم لسلطان غيرها، فتقع في ذل العبودية بإرادتها وضد إرادتها معاً (٩٢).
وفي أكتوبر ١٦٥٤ أعاد أولاك طبع "الدفاع الثاني" لملتون، في لاهاي، مع رد عليه بقلم موريس بعنوان "دليل دامغ". وفي المقدمة أكد الطابع أن موريس ليس مؤلف "صرخة الدم الملكي"، وأنه، أي أولاك، تسلم مخطوطته من سلماسيوس الذي أبى أن يميط اللثام عن أسم المؤلف. وأنكر مورس إنكاراً تاماً أنه المؤلف، وأكد أن ملتون قد أبلغ بهذا الأمر مراراً وتكراراً، واتهمه بأنه قد رفض من قبل تغيير "دفاعه"، لأنه لن يتبقى من شيء يذكر إذا حذف من السباب الذي وجهه إلى موريس. وفي أغسطس ١٦٥٥ أصدر ملتون كتاباً من مائتين وأربع صفحات "دفاع عن النفس" ورفض أن يصدق إنكار مورس، وأورد من جديد فعلته الشائنة مع خادمه سالماسيوس، وأضاف أنها، في شجار مشروع أوسعت مورس ضرباً وطرحته أرضاً، وكادت أن تفقأ عينيه (٩٣). ولكن تبين في خاتمة المطاف أن أحد رجال اللاهوت البروتستانت، واسمه بيير دي مولان، هو الذي كتب "صرخة الدم الملكي"، وأن مورس هو الذي نشره وكتب إهداءه (٩٤). ولما دعي مورس ليكون راعياً لإحدى كنائس الإصلاح قرب باريس، أرسل شاعرنا عدة نسخ من "الدفاع الثاني" إلى الأبرشية لمنع تعيينه (٩٥). ولكن مجلس الأبرشية عينه على الرغم من ذلك كله، وختم مورس سيرته التي اكتنفتها المضايقات (١٦٧٠) وهو أنصح