للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

والعار، وليس هذا ناشئاً من نيران المطابخ التي لا يكاد يرى لها أثر، بل من بعض مداخن معينة في مصانع البيرة ومحال الصباغة وإحراق الجير، ومصانع الملح وغلي الصابون وبعض مصانع أخرى، تكفي فوهة إحدى المداخن فيها، وحدها وبشكل واضح، لتلويث الهواء وإزعاج لندن أكثر مما تفعل مداخل المدينة مجتمعة … إن لندن تكون أقرب شبهاً ببركان اتنه أو بضواحي جهنم، منها بمجتمع تعيش فيه مخلوقات عالقة، حين تفتح هذه المداخن أفواهها وتنفث القتام والسخام … أن السائح المنهوك سرعان ما يشم، من مسافة عدة أميال، رائحة المدينة التي يقصد إليها، قبل أن يراها … أن هذا الدخان الأسود الكريه … يقرح الرئتين، وهذا داء لا شفاء منه، إلى حد أنه يقضي على أعداد كبيرة من الناس، نتيجة السل المنهك الخطير، كما ينبئ بذلك نشرات الوفيات الأسبوعية (٧٨) ".

وأعد ايفلين مشروع قانون للبرلمان الذي كان أقرب منالاً لرجال الصناعة الأثرياء منه للجمهور الذي يعوزه التنظيم، ومن ثم لم يحرك هذا البرلمان ساكناً. وبعد ثلاثة عشر عاماً سوياً رفع سير توماس براون صوت الطب عالياً، يحذر من: -

"الروائح الكريهة التي تنفثها البالوعات العامة، والأماكن المنتنة وفضلات المواد المغلية التي تستخدمها المصانع القذرة غير الصحية كما أن الضباب والسديم يعوقان دخان الفحم من أن يهبط ويتبدد، ومن ثم يمتزج بالسديم ويتنفسه الناس، ولكل هذا آثار سيئة، حيث يلوث الدم ويعرض السكان إلى النزلات الشعبية والسعال (٧٩) ".

إن الهواء الفاسد، وضعف الرعاية الصحية وسوء التغذية كان يهدد بانتشار الأوبئة في كل عام وما أن تجئ فترة تتجمع فيها ظروف غير مواتية، حتى تنزل كارثة الطاعون. وفي ٣١ أكتوبر ١٦٦٣ دون بيبز في مذكراته: "أن الطاعون منتشر في أمستردام، ونحن في فزع منه هنا". وكانت السفن القادمة من هولندا تخضع للحجر الصحي، وفي ديسمبر ١٦٦٤ مات شخص واحد بالطاعون في لندن، واثنان في أبريل ١٦٦٥،