موسيقية معدلة "العاصفة"التي زعم أنها من عمل أبيه. وحددت أوبرا بورسل "ديدو وإينياس" بداية الأوبرا الكاملة في إنجلترا.
وكما هو الحال غالباً في تاريخ الموسيقى، فإن عبقرية هنري بورسل كانت في معظمها نتاج وراثة اجتماعية -أي بيئة سن المراهقة. فكان أبوه رئيس المرتلين في وستمنستر، وكان عمه يشغل وظيفة "ملحن القيثارات لصاحب الجلالة". وكان أخوه ملحناً وكاتباً مسرحياً. وتابع أبنه وحفيده عمله في العزف على الأرغن في الكنيسة. أما هو فلم يمتد به الأجل لأكثر من سبعة وثلاثين عاماً (١٦٥٨ - ١٦٩٥)، وتولى الترتيل في الكنيسة الملكية وهو لا يزال صبياً، حتى ضعف صوته. وألف في شبابه ترانيم دينيه ظلت تسمع في الكاتدرائيات الإنجليزية على مدى قرن من الزمان: وألحنه الإثنى عشر من نوع السوناته (١٦٨٣) لقيثارتين أو لأرغن وبيان قيثاري، هي التي جلبت شكل السوناته من إيطاليا إلى إنجلترا، ويقول بيرني أن أغانيه وترانيمه والكانتاتا (قصة تنشدها المجموعة على أنغام الموسيقى من غير تمثيل) وموسيقى الفرقة التي ألفها "فاقت إلى حد بعيد كل ما أنتجته أو استوردته بلادنا من قبل، إلى حد يبدو أن سائر الألحان الموسيقية باءت بالاحتقار أو لاذت بزوايا النسيان (٩٩) ".
ولما كان بروسل منهمكاً في عمله، عازفاً على الأرغن وملحناً، فإنه لم يتيسر له أن يخرج "ديدو وإينياس (١) قبل ١٦٨٩، لنخبه مختارة من المتفرجين، في إحدى مدارس البنات في لندن. وتبدو الموسيقى لنا الآن، حتى الاستهلال المشهور، هزيلة نحيلة، ولكن يجب أن نتذكر أن الأوبرا كانت في المهد، وأن جمهور المستمعين آنذاك لم يولع بالضوضاء والصخب مثلنا اليوم أما اللحن الأخير -عويل ديدو ونواحها: "عندما
(١) في الأساطير الرومانية -ديدو أميرة صور إلى أسست قرطاجه وأصبحت ملكة عليها، وتقول انيادة فرجيل، أنها رحبت باينياس حين قدم إلى قرطاجه بعد سقوط تروادة، ووقعت في شراك غرامه، ثم قتلت نفسها حين غادرها.