للمنبوذ أن يستقي ماء من الآبار العامة، أو أن يدخل معابد البراهمة، أو أن يرسل أولاده إلى المدارس الهندوسية (٤٢)، ولئن عملت السياسة البريطانية إلى حد ما على إفقار طبقة المنبوذين، فقد جاءتهم على الأقل بالمساواة مع غيرهم أمام القانون، وبحق الدخول - على قدم المساواة مع سائر الطبقات - في المدارس والكليات التي يقوم البريطانيون على إدارتها؛ وكان للحركة القومية، بتأثير غاندي، فضل كبير في الحد من الحوائل التي كانت تسد الطريق أمام المنبوذين؛ ويجوز ألا يأتي الجيل المقبل إلا وهم أحرار في الظاهر حرية تمس القشور.
وكذلك عمل دخول الصناعة والأفكار الغربية على زعزعة الأفكار القديمة التي كان يتمتع بها الرجل في الهند، فالانقلاب الصناعي يعمل على تأجيل سن الزواج، ويتطلب "حرية" المرأة، وأعني بذلك أن المرأة لا يمكن إغراؤها بالعمل في المصنع إلا إذا اقتنعت بأن الدار سجن، وأجاز لها القانون أن تدخر كسبها لنفسها؛ ولقد ترتب على هذا التحرير كثير من الإصلاحات الحقيقية جاءت عرضا، فحرم زواج الأطفال رسميا "سنة ١٩٢٩ م" برفع سن الزواج قانونا إلى الرابعة عشرة للفتيات والثامنة عشرة للفتيان (٤٣) واختفت ظاهرة "السوتي""أي دفن الزوجة التي مات زوجها حية"، ويزداد زواج الأرامل كل يوم (١) وتعدد الزوجات جائز قانونا ولكن لا يمارسه إلا قليلون (٤٥) وإن رجاء السائحين ليخيب حين يجدون أن راقصات المعبد أوشكن على الانقراض، فالتقدم الأخلاقي في الهند يسير بخطوات سريعة لا يضارعها في سرعتها بلد آخر؛ فالحياة الصناعية في المدينة تخرج النساء من "البردة" حتى توشك ألا تجد ستًّا في كل مائة امرأة في الهند يقبلن اليوم أن يعشن وراء حجاب (٤٦)؛ وفي الهند عدد من الصحف الدورية النسوية النابضة بالحياة تناقش فيها
(١) تزوج سنة ١٩١٥ خمس عشرة أرملة، وبلغ العدد سنة ١٩٢٥ (٢٢٦٣).