وبعد تقلبات كثيرة مر بها هذا البنك، أصبح العامل الرئيسي في استقرار الحكومة الإنجليزية المشهور منذ اعتلاء وليم وماري عرش إنجلترا حتى يومنا هذا. ومنذ ١٦٩٤ أصدر البنك أوراقاً نقدية تضمنها الودائع، قابلة للدفع بالذهب، عند الطلب. وتداولها المتعاملون على أنها مال قانوني، فكانت أول عملة ورقية حقيقية غير زائفة في إنجلترا (٤٦)(١).
واشتهر عهد مونتاجو في وزارة الخزانة بعمل ممتاز آخر، هو إصلاح العملة المعدنية. ذلك ان العملة الجيدة التي سكت في عهد شارل الثاني وجيمس الثاني اختزنت أو صهرت أو صدرت. أما العملة المشوهة أو التالفة منذ أيام اليزابيث وجيمس الأول، فقد طرحت للتداول والاستعمال، وفقدت في القوة الشرائية جزءاً لا يستهان به من قيمتها الاسمية. ودعا مونتاجو أصدقاءه جون لوك واستحق نيوتن وجون سومرز ليعدوا لإنجلترا عمله اكثر استقراراً فصمموا قطع نقد جديدة ذات حافة مسننة تتحدى التشويه. واستردوا العملة القديمة وسحبوها من التداول بقيمتها الاسمية، وتحملت الحكومة الخسارة الناجمة عن ذلك. وصار لإنجلترا نقد ثابت صحيح، كان مثار حسد أوربا، ومثالاً تحتذيه. وفي ١٦٨٩ فتحت بورصة الأوراق المالية في لندن، وبدأت فترة مضاربة مالية، سرعان ما أنتجت "شركة البحر الجنوبي"(١٧١١) وانفجار "فقاعتها"(١٧٢٠). وفي ١٦٨٨ أقام إدوارد لويد في أحد مقاهي لندن شركة للتأمين تعرف الآن بكل بساطة تبعث على الفخر بأسم (لويدز) وفي ١٦٩٣ أصدر أدموند هاللي أول نشرة وفيات معروفة. وأكدت هذه التطورات المالية ووسعت دور المصالح القائمة على المال في شئون إنجلترا، وحددت بداية الأهمية المتزايدة
(١) صدر أول عملة ورقية معروفة في القرن السابع الميلادي في الصين على عهد أسرة تاتج. ورأى ماركو بولو مثل هذه العملة في الصين ١٢٧٥، وحاول عبثاً إدخال أسلوب التعامل هذا إلى إيطاليا. واستخدمت السويد أوراق العملة في ١٦٥٦ ومستعمرة ماساشوست ١٦٩٠.