يحرك العطف في نفوسهم، ولقد أدى به الصيام والحرمان الذي كان يفرضه على نفسه، إلى ضعف وهزال، بحيث لم يكن بد من اعتلائه مقعداً مرفوعاً كلما أراد توجيه الخطاب للحشود العظيمة التي كانت تجتمع لتسمعه؛ ومدَّ زهده حتى شمل به نطاق العلاقة الجنسية، وأراد - كما أراد تولستوي - أن يحصر عملية الجماع فلا يلجأ إليها إلا إذا قصد إلى التناسل، وكان هو كذلك قد أنفق شبابه منغمساً في شهوات بدنه، حتى لقد جاءه نبأ موت أبيه وهو يحتضن إحدى الغانيات، أما في رجولته فقد عاد - والندم الشديد يأكل قلبه - إلى "براهما شاريا" التي لُقِّنَها في صباه - وهي الامتناع التام عن كل شهوة جسدية؛ وأقنع زوجته أن تعيش معه كما تعيش الأخت مع أخيها، وهو يروي لنا أنه "منذ ذلك الوقت بطل بيننا كل نزاع"(٥٥).
ولما تبين له أن حاجة الهند الأساسية هي ضبط النسل، لم يصطنع في سبيل ذلك وسائل الغرب، بل اتبع طرائق "مالتوس" و "تولستوي".
"أنكون على صواب إذا ما نسلنا الأطفال ونحن نعلم حقيقة الموقف؟ إننا لا نفعل سوى أن نضاعف عدد العبيد والمقعدين، إذا مضينا في التكاثر بغير أن نتخذ إزاءه شيئاً من الحيطة … لن يكون لنا حق النسل إلا إذا أصبحت الهند أمة حرة … ليس إلى الشك عندي من سبيل في أن المتزوجين إذا أرادوا الخير بأمتهم وأرادوا للهند أن تصبح أمة من رجال ونساء أقوياء وسيمين ذوي أبدان جميلة التكوين، كان واجبهم أن يكبحوا جماح أنفسهم ويوقفوا النسل مؤقتاً (٥٦).
وإلى جانب هذه العناصر في تكوين شخصيته، كان يتصف بخلال عجيبة الشبه بتلك الخلال التي يقال إنها كانت تميز "مؤسس المسيحية"؛ إنه لم يَفُه باسم المسيح، ولكنه مع ذلك كان يسلك في حياته كما لو كان يأخذ بكل كلمة مما جاء في "موعظة الجبل"؛ فلم يعرف التاريخ منذ القديس فرنسيس