مصغيا بأكبر اهتمام إلى ما يدور في هذه الاجتماعات الدورية. وأحيانا أدخن غليوني، وعلى حين غير منصت لشيء إلا ساعي البريد، فإني أسترق السمع إلى النقاش الذي يدور على كل مائدة من الغرفة. وفي أمسيات الأحد أقصد إلى مقهى سان جيمس، وانضم أحيانا إلى جماعة السياسيين الصغيرة في الحجرة الداخلية، بوصفي رجلا يذهب إلى هناك ليسمع ويستفيد. ووجهي كذلك معروف تمام المعرفة في "جريفان" وفي مقهى "شجرة الكاكاو""وفي مسارح "دروري لين" و "هاي ماركت" على حد سواء. وكانوا يحسبونني تاجرا في "البورصة" طيلة هذه السنوات العشر أو أكثر. وأحيانا حسبوا أني يهودي من جماعة السماسرة الذين لا يوثق بهم في "جوناتان" وجملة المقول إني لا أرى حشدا من الناس إلا حشرت نفس في زمرتهم، ولو أني لا أنبس ببنت شفة إلا في النادي الخاص بي.
وهكذا أعيش في هذه الدنيا متفرجاً، لا واحداً من الجنس البشري، وبهذه الطريقة جعلت من نفسي رجل دولة يطيل التأمل والتفكير، وجندياً وتاجراً، وصانعاً ماهراً، دون أن أمارس العمل في أي قطاع من قطاعات الحياة. كما أني على دراية تامة بشؤون الزواج والأبوة، وأستطيع تبين وجوه الخطأ في الاقتصاد وفي الأعمال وفي الانحراف، أفضل بكثير ممن يتولون هذه الأمور بأنفسهم، لأن المتفرجين يكتشفون أخطاء يمكن ألا تقع عليها أعين المشتركين في اللعبة. إني لم أناصر قط حزبا في اندفاع أو عنف. وإني عاقد العزم على أن أقف موقف الحياد الدقيق بين الأحرار والمحافظين، إلا إذا اضطررت إلى إعلان الانحياز إلى أي من الفريقين بسبب تصرفات غير وديعة من الفريق الآخر. وصفوة القول إني كنت طوال حياتي "متفرجاً" وتلك هي الشخصية التي أقصد ألا أحيد عنها في هذه الصحيفة".
وبتقدم المشروع، جمعت "سيكتاتور" بين الموضوعات الاجتماعية