تزويج ابنة من أرشيدوقة النمسا. ولكي يؤمن ملكاً لابنه حاول فتح ملدافيا، وانتصر في جميع المعارك إلا معاركه مع الجو والقدر، وعاد إلىبلده صفر اليدين.
ووسط ضجيج السياسة وصخبها، وفي الفترات التي تخللت الحرب جعل من بلاطه مركز إحياء ثقافي. فلقد كان هو نفسه رجلاً واسع الإطلاع: درس جاليلو وهارفي، وديكارت وجاسندي، وقرأ بسكال، وكورنيي، وموليير. ومع أنه أيد الكنيسة الكاثوليكية باعتبار هذا التأييد سياسة للدولة، فإنه بسط الحرية الدينية والحماية على البروتستنت واليهود (١٠) وأحبه اليهود كما أحبوا قيصر من قبل. وكان يريد، وإن لم يستطع، أن ينقذ من الموت رجلاً من أحرار الفكر أعرب عن بعض شكوكه في وجود الله (١٦٨٩)(١١)، وكان هذا أول إحراق لمهرطق في تاريخ بولندة. ثم مضت بولندة في إنجاب شعرائها، ولكنها ظلت تستورد أكثر فنانيها الأفذاذ. فنظم فاكلاو بوتوكي ملحمة عن انتصار بولندة في خوتين، وكتب فسبازيان كوشوفسكي ملاحم مماثلة، ومجموعة مزامير بولندية في نثر شعري، أما أندرزي مورزيتن، فبعد أن ترحم "أمينتا" تاسو و "سيد" كورنيي، أظهر في غنائياته تأثير الشعر الفرنسي والإيطالي في بولندة. وقد شجع سوبيسكي التأثير الفرنسي، لأنه كان معجباً بكل شيء في فرنسا إلا سياستها. واستقدم المصورين والمثالين الفرنسيين والإيطاليين ليعملوا في وارسو، واستخدم المعماريين، ولا سيما الأبطاليين منهم، ليشيدوا قصور بطراز الباروك في فيلانوف، وزولكييف، ويافوروف. وبنيت الكنائس الفخمة إبان حكمه: كنيسة القديس بطرس في فلنو وكنيستا الصليب المقدس والراهبات البندكتيات في وارسو. وقبل أندرياس شلوتر من ألمانيا لحفر الزخارف للقصر المبني في فيلانوف، ولقصر كرازنسكي في العاصمة. ووسط هذه التأثيرات الغربية في الفن، غلبه التأثير الشرقي في الملبس والمظهر: العباءة الطويلة والمنطقة العريضة الزاهية الألوان، والشاربان المفتولان إلى أعلى كأنهما سيفان أحدبان.
وقد كدر صفاء شيخوخة الملك تمرد ولده يعقوب، وعناد زوجته، وفشله في جعل الملك وراثياً في أسرته. وكان الفيتو المطلق سيفاً مسلطاً فوق رأسه على الدوام. ولم يستطع أن يصلح من حال الفلاحين، لأن