وعقب انتخابه اضطلع باسترداد أوكرانيا الغربية من العثمانيين الذين تقدموا الآن شمالاً حين بلغوا لفوف. وهناك، وبقوة لا تزيد على خمسة آلاف فارس، هزم عشرين ألف تركي (٢٤ أغسطس ١٦٧٥). وبمقتضى معاهدة زورافنو (١٧ أكتوبر ١٦٧٦) أكره العثمانيين على النزول عن حقهم المزعومة في الجزية، والاعتراف بسيادة بولندة على أوكرانيا الغربية. ثم شعر بأن الفرصة مواتية لطرد القوة العثمانية من أوربا. فدعا الإمبراطور للانضمام إليه في حرب ضروس يخوضانها مع الترك، ولكن ليوبولد اعترض بأنه لا يملك تأكيداً بألا يهاجمه لويس الرابع عشر في الغرب أن أرسل جيوشه إلى الشرق، ورجا سوبيسكي فرنسا أن تعطي النمس هذا التأكيد، ولكن لويس الرابع عشر أبى (٨). وتحول سوبيسكي أكثر فأكثر إلى التحالف مع النمسا. فلما حاول العملاء الفرنسيون رشوة البرلمان ضده فضح مؤامراتهم ونشر رسائلهم السرية. وفي رد الفعل التالي ضد فرنسا وقع البرلمان (١ أبريل ١٦٨٣) حلفاً مع الإمبراطورية، واتفق على أن تحشده بولندة أربعين ألف مقاتل، والإمبراطورية ستين ألفاً. فإذا حاصر العثمانيون فيينا أو كراكو، خف الحليف لنجدة حليفه بقوته كلها.
وفي يوليو زحف العثمانيون على فيينا. وفي أغسطس غادر سوبيسكي والجيش البولندي وارسو بهذا الهدف المعلن، وهو "أن يمضوا إلى الحرب المقدسة، ويردوا بعون الله الحرية القديمة لفيينا المحاصرة، فيعينوا بذلك جميع العالم المسيحي المتخاذل (٩) ". وبدا أن أنبل ما عرفت العصور الوسطى من فروسية قد بعث من جديد. ووصل البولنديون إلى العاصمة المحاصرة في الوقت المناسب، لأن المرض والجوع كادا يفتكان بأكثر المدافعين عنها. وقاد سوبيسكي بشخصه جيشي بولندة والإمبراطورية المجتمعين في معركة من أحسم المعارك في التاريخ الأوربي (١٢ سبتمبر ١٦٨٣). ولقي نصف البولنديين الذين تبعوه في هذه الحرب الصليبية-وعدهم خمسة وعشرون ألفاً-حتفهم في المعركة أو في طريقه إليها.
ثم قفل بولندة مكللاً بنصر يشوبه شعور الخيبة. واستقبلته واسو فخورة به بطلاً لأوربا، ولكن الإمبراطور كان قد خيّب آماله في