بعث السفير الروسي لدى دوق توسكانيا الأكبر إلى ألكسيس أوصافاً للدرامات والأوبرات والباليهات الفرنسية، سمح ألكسيس في بناء مسرح في موسكو وبعض المسرحيات، لا سيما المقتبسة من الكتاب المقدس. وقد سبقت إحداها، وهي "استير"، تمثيلية راسين التي تحمل هذا الاسم بسبعة عشر عاماً. ولما شعر ألكسيس أنه أذنب باختلافه إلى هذه الحفلات التمثيلية، ذكرها لكاهن اعترافه، فأباح له هذه المتع الجديدة (١٤). وتزوج ماتفيف سيدة اسكتلندية تنتمي لأسرة هاملتن الشهيرة، وقد تبنيا وربيا يتيمة روسية تدعى ناتاليا نارويشكينا، وقد اتخذها ألكسيس زوجة ثانية له.
على أن مغامرات التغريب هذه أثارت د فعل وطنياً، فشجب بعض الروس الأرثوذكس دراسة اللاتينية باعتبارها شراً قد يغري الشباب بالأفكار غير الأرثوذكسية. وأحس الجيل المخضرم أن أي تغيير في العادات أو الإيمان أو الطقوس يزيح حجراً في بناء المجتمع، ويقلقل الأحجار كلها، وقد يهوى بعد حين بالبناء المزعزع كله ويحيله خراباً. وكان الدين في روسيا يعتمد على الطقوس اعتماده على العقيدة. ومع أن قدرة الجماهير على تفهم الأفكار كانت إلى ذلك الحين محدودة جداً، فقد أمكن تدريبها على الطقوس الدينية التي أعان تكرارها المنّوم على الاستقرار والسلام الاجتماعيين والنفسيين. ولكن التكرار يجب أن يكون دقيقاً حتى يحدث الأثر المنّوم، وأي تغيير في التتابع المألوف قد يحطم التعويذة المهدئة، ومن هنا كان لا بد من بقاء كل تفاصيل المراسم الدينية، وكل كلمة من كلمات الصلوات، على حالها كما كانت منذ قرون. وقد وقع خلاف من أشد الخلافات والانقسامات مرارة في التاريخ الروسي حين أدخل نيكون، بطريرك موسكو، على الطقوس بعض الإصلاحات المبنية على دراسة للممارسات والنصوص البيزنطية. فقد دله الأكليريكيون الذين درسوا اليونانية على أخطاء كثيرة في النصوص التي تستعملها الكنيسة الروسية، فأمر نيكون بمراجعة النصوص والطقوس وتنقيحها، فمثلاً تقرر أن يكتب اسم يسوع بعد ذلك Jisus بدلاً من Isus، وأن ترسم علامة على الصليب بثلاثة أصابع لا إصبعين، وأن يخفض عدد المطانيات (الركعات) في صلاة معينة من اثنتي عشرة إلى أربع، وأن تحطم الأيقونات التي يظهر فيها التأثير الإيطالي ويستبدل بها أيقونات تتبع