للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النماذج البيزنطية. وتقرر بصفة عامة أن يطابق مطابقة أوثق بين الشعائر الروسية وأصولها البيزنطية. وقد أنزلت رتب بعض رجال الكنيسة الروس الذين أبوا قبول هذه التغييرات أو أوقع عليهم الحرم أو نفوا إلى سيبيريا. وساءت القيصر أساليب نيكون الدكتاتورية، فنفاه في ١٦٦٧ إلى دير ناء. وانقسمت الكنيسة الروسية إلى حزبين، فأما الكنيسة الرسمية التي يؤيدها ألكسيس فقد قبلت الإصلاحات، وأما المخالفون (راسكولنيكي) أو قدامى المؤمنين (ستاروفيرتسي) فقد تطوروا إلى هيئة منشقة اضطهدتها الأرثوذكسية الجديدة بالنار والحديد. وقد أحرق زعيمهم أفاكوم على الخازوق (١٦٨١) بأمر القيصر فيودور. وقتل كثيرون من قدامى المؤمنين أنفسهم مؤثرين الموت على دفع الضرائب لحكومة كانت في نظرهم عدواً للمسيح. وهذه الفوضى الدينية كانت بعض التركة التي ورثها بطرس الأكبر.

ومهد موت ألكسيس (١٦٧٦) لصراع عنيف بين أبنائه. فقد خلف من زوجته الأولى ماريا ميلوسلافسكي ولداً عليلاً يدعى فيودور (المولود في ١٦٦٢)، وآخر أعرج نصف أعمى ونصف معتوه يدعى ايفان (المولود في ١٦٦٦)، وست بنات كانت أكفأهن وأشدهن طموحاً صوفيا ألكسيفنا (المولودة في ١٦٥٧). وخلف من زوجته الثانية ناتاليا نارويشكينا ولده الأشهر بطرس (المولود في ١٦٧٢). وورث فيودور العرش، ولكنه مات في ١٦٨٢. وأراد البويار (النبلاء الروس) أن يولوا بطرس عرش القيصرية، بوصاية أمه، لما رأوه من عجز إيفان الشديد. ولكن أخوات بطرس لأبيه كان يكرهن ناتاليا ويخشين أن يهملن تحت حكمها، حرضن جنود حامية موسكو (السترلتسي)، تتزعمهن صوفيا، على أن يغزو الكرملين ويصروا على تنصيب ايفان. وناشد ماتفيف، حاضن ناتاليا، الجند أن ينسحبوا، فانتزعوه من قبضة بطرس، وقتلوه على مرأى من الصبي ذي العشرة الأعوام، وقتلوا أخوه ناتاليا ونفراً من أنصارها، وأكرهوا البويار على قبول إيفان قيصراً، يشاركه بطرس تابعاً له، وصوفيا وصية عليه. ولعل هذه الفظائع أسهمت في إصابة بطرس بتلك التشنجات التي نغصت حياته فيما بعد، وهي على أي حال أعطته دروساً لا تنسى في العنف والوحشية.