فلما اشتد عوده ازداد ضيقه بهيمنة أخت غير شقيقة، اغتصبت مع فازلي جوليتسين سلطة إيفان وسلطته. وفي ١٨ يوليو ١٦٨٩، انضم بطرس إلى إيفان في الموكب الذي كان يحتفل كل سنة بتحرير موسكو من قبضة البولنديين. ومشت صوفيا في الموكب على غير ما قضت به التقاليد. فأمرها بطرس، وقد بلغ الآن السابعة عشرة، أن تنسحب، ولكنها أصرت على السير، فغادر المدينة غاضباً، وبحث عن حلفاء ضد الوصية. فوجدهم في "البويار" الذين لم يستطيعوا أن يروضوا أنفسهم على الرضي بحكم امرأة، وفي حامية موسكو (الستريلتسي)، التي كان رجالها على استعداد للخدع الحربية والأسلاب بعد أن صدتهم صوفيا غير مرة. وحرك بوريس جوليتسين، ابن عم الوزير، الانقلاب بإرساله رسالة مزورة إلى بطرس زعمت صوفيا أن تدبّر القبض عليه. وفر بطرس وتبعته أمه، وأخته، وزوجته التي تزوجها مؤخراً، إلى دير ترويتسكو-سرجيفسكايا، على خمسة وأربعين ميلاً من موسكو. ومن هناك أرسل الأوامر لكل كولونيل في الحامية بالذهب إلى الدير المذكور. ونهتهم صوفيا عن الذهاب، ولكن كثيرون ذهبوا. وسرعان ما أقبل زعماء الأشراف، ثم يواقيم بطريرك موسكو. واستدعى فازيلي جوليتسين، فخضع، ونفي إلى قرية قريبة من أركانجل. وقبض على نفر من مؤيدي صوفيا، وعذب بعضهم، وأعدم آخرون. وكتب بطرس لإيفان يستأذنه في تقلد زمام الحكم، فأعطى ايفان الإذن أو افترض أنه أعطاه، وأمر بطرس صوفيا أن ترحل إلى دير للراهبات، فاحتجت، وتمردت، ثم استسلمت. وهناك زودت بكل أسباب الراحة وبالخدم الكثيرين، ولكن حظر عليها أن تبرح الدير. وفي ١٦ أكتوبر ١٦٨٩ دخل بطرس موسكو، ورحب به إيفان، فتقلد زمام السلطة العليا. واعتزل إيفان الحياة العامة في لباقة، ومات بعد سبع سنوات.
على أن بطرس لم يكن قد تهيأ بعد للحكم. فترك الحكومة لبوريس جوليتسين المتزمت الرجعي، وليواقيم، وغيرهما، وبينما أنفق هو كثيراً من وقته في المستوطنة الأجنبية. وهناك صنع أصدقاء جدداً كانوا ذوي أثر قوي في تطوره. ومن هؤلاء باتريك جوردون الاسكتلندي، المقاتل المغامر الذي كان الآن ضابطاً في الجيش الروسي وهو في الخامسة والخمسين، ومنه تعلم بطرس المزيد عن فنون الحرب. ثم فرانسوا