الوجه (٥)". ومع ذلك كان متين البناء قوي البدن. وروي أنه حين التقى بأوغسطس الثاني تباريا في ثني الأطباق الفضية في أيديهما. وقد صوره نيلر عام ١٦٩٨ شاباً يتقلد السلاح وشعارات الملك، غاية في اللطف والبراءة، بعد ذلك نجده مصوراً تصويراً أكثر واقعية، فهو عملاق محدودب، طوله ستة أقدام وثماني بوصات ونصف، ذو وجه تام الاستدارة، وعينين واسعتين وأنف كبير، وشعر بني يتساقط في خصل لا تقص إلا نادراً. ولا تكاد نظرته الآمرة الناهية تنسجم وثوبه المهمل المهوش، وجواربه الخشنة المرفوة، وحذاءه المرقع ترقيعاً بدائياً. ومع أنه نظم أمة بأسرها إلا أنه كان يترك محيطة المباشر في فوضى أينما ذهب. ذلك أن الجهود الكبيرة استغرقته استغراقاً ضن معه على التوافه بأي وقت.
وأما عادته فكانت كلباسه لا تعمل فيها ولا تأنق حتى لتحسبه فلاحاً لا ملكاً-لولا أنه كان خلواً من صبر الفلاحين الروس المتلبد. بل لقد كانت عاداته أحياناً أسوأ من عادات الفلاحين لأنه لم يكبحه خوف من سيد أو خشية من قانون. مرة رأى تمثالاً لآلة الذكر في مجموعة عاديات ببرلين، فأمر زوجته أن تقبله، فلما رفضت كاترين هددها بضرب عنقها، ولكنها أصرت على الرفض، ولم يهدئ من ثائرته إلا تقديم التحفة هدية له ليزين بها حجرته الخاصة (٦). وكان في أحاديثه ورسائله يبيح لنفسه استعمال أنكر الألفاظ وأفحشها. وكثيراً ما كان يعنف أخص أصدقائه بضربات من قبضته الهائلة، ومرة ضرب منشيكوف على أنفه فأسال دمه، ومرة ركل ليفور. وكان ولعه بـ "المقالب" يتخذ أحياناً صوراً قاسية، من ذلك أنه ألزم أحد مساعديه بأن يأكل السلاحف، وآخر بأن يشرب قارورة كاملة من الخل، وفتيات صغيرات بأن يبتلعن حصة جندي من البراندي. وكان يجد لذة شاذة في تطبيب الإنسان، وكان على المقربين منه أن يحذروا من أن تبدر منهم أقل شكوى من ألم في أسنانهم، فكلابته دائماً في متناوله. ولما شكا إليه تابعه من أن زوجته تحتج بألم مزعوم في ضرسها لتحرمه من متع الزواج، أرسل في طلبها، وخلع لها ضرساً سليماً، وقال لها أن تنتظر المزيد إذا ظلت عزباء (٧).
ولقد جاوزت قسوته الفاجرة النقطة التي يمكن أن يعتذر عنها