الصفتين أكثر دواماً من الأخرى أهملها، وعاد غلى أصحابه ومراكبه. واتخذ سلسلة من الخليلات العابرات، كن في الكثير الغالب وضيعات الأصل رقيقات الحال. ومرة كان فردريك الثاني ملك الدنمرك يمزح معه في أمر اتخاذه محظية فأجابه بطرس "يا أخي، إن عاهراتي لا يكلفنني الكثير، أما عاهراتك فيكلفنك آلاف الكراونات التي لا تستطيع أن تنفقها في وجوه أفضل (١١) ". وقد عمل ليفور ومينشيكوف قوادين له، ونزل مينشيكوف عن خليلته لتكون زوجة بطرس الثانية. ولا بد أن هذه المرأة أوتيت قدرة فذة رفعتها-كما رفعت تيودورا خليلة جستنيان من قبل-إلى عرش الإمبراطورية بعد أن كانت مومساً.
أمام هذه المرأة، التي ستصبح كاترين الأولى، فقد ولدت حوالي ١٦٨٥ بليفونياً من أسرة وضيعة. ولما تيتمت رباها الراعي اللوثري جلوك خادمة في مارينبورج، وعلمها مبادئ المسيحية ولكنه لم يعلمها الأبجدية، ولم تتعلم القراءة قط. وفي ١٧٠٢ حاصر جيش روسي يقوده شيريميتيف مارينبورج. فلما يئس قائد الحامية من الدفاع قرر أن ينسف القلعة وهو فيها. ونمى غلى القس جلوك ما نوى القائد، فأخذ أسرته وخادمته وفر إلى المعسكر الروسي. فأرسل إلى موسكو، ولكن كاترين أبقيت لترفه عن الجنود. وارتقت منهم إلى شيريميتيف، فمينشيكوف، فبطرس. في تلك الحروب والأخطار كان على المرأة الفقيرة أن تتلطف لتأكل. ويبدو أن كاترين ظلت حيناً تخدم كلاً من مينشيكوف والقيصر. وقد أحباها لأنها كانت نظيفة، بشوشة، لطيفة، متفهمة، فهي مثلاً لم تصر على أن تكون الخليلة الوحيدة، ووجد بطرس فيها ترفيهاً مرحاً بعد ضجيج السياسة أو الحرب وغضبات المحظيات الغيورات. ورافقته في حملاته، وعاشت عيشة الجنود، وقصت شعرها، وافترشت الأرض، ولم تجفل حين رأت الرجال يصرعهم الرصاص إلى جوارها. فإذا دهمت بطرس إحدى نوبات تشنجه وخاف الجميع أن يلمسوه، كانت تتحدث إليه ملاطفة، وتربته، وتهدئ روعه، وتدعه ينام ورأسه على صدرها. وإذا افترقا كتب إلى "كاترينوشكا" حبيبته رسائل تفيض حناناً معابثاً ولكنه مخلص. ثم غدت ضرورة لا غنى له عنها. ولم يحل عام ١٧١٠ حتى كانت زوجته في كل شيء إلا شرعاً. وولدت له عدة أطفال. وفي ١٧١١ عاونت على إنقاذه في البروث. وفي ١٧١٢ اعترف بها زوجة له علانية. وفي ١٧٢٢ توجها إمبراطورة.