للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا يستهان بحجمه، واستخدمت صناعة الحرير بموسكو ١. ١٦٢ عاملاً، واستخدم أحد مصانع النسيج ٧٤٢ رجلاً، وآخر ٧٣٠، ووظفت مؤسسة للتعدين ٦٨٣ شخصاً (٢٣). نعم كان في روسيا مصانع قبل بطرس، ولكن ليس على هذا النطاق. وكثير من المصانع الجديدة بدأته الحكومة ثم سلم للأهالي ليديروه، ولكنهم مع هذا كانوا يتلقون إعانات من الدولة، ويخضعون لإشراف دقيق من الحكومة. وكانت الرسوم الجمركية المرتفعة الحامية درعاً يقي الصناعة الوليدة من المنافسة الأجنبية.

ولجأ بطرس إلى تجنيد الرجال قسراً ليزود بهم المصانع ولم يتوفر من العمال إلا القليل، فحول الفلاحين صناعاً طوعاً أو كرهاً. وخول لرجال الصناعة أن يشتروا الأقنان من ملاك الأراضي ويشغلوهم في المصانع. وزودت المشاريع الكبرى بفلاحين منقولين من أراضي الدولة ومزارعها (٢٤). وحدث ما يحدث في معظم المحاولات الحكومية للتصنيع السريع، إذ لم يستطع القادة الانتظار ريثما تغلب غريزة التملك على العادات والتقاليد، وتقود العمال من ميادين وأساليب عتيقة إلى أعمال وأنظمة جديدة. فطورت قنية صناعية، على كره من بطرس بوجه عام، ومن عمد من خلفائه. واعتذر بطرس عنها في مرسوم ١٧٢٣، فقال:

"ألا يصنع كل شيء (أول الأمر) بالإكراه؟ أما أن الراغبين في الاشتغال بالصناعة قلة فصحيح، لأن شعبنا أشبه بالأطفال، يأبون البدء بتعلم الأبجدية ما لم يكرهها عليهم معلموهم. ويبدو لهم هذا التعلم غاية في الصعوبة أول الأمر، ولكنهم ما إن يتعلموها حتى يحمدوا لمعلميهم صنيعهم، ونحن نسمع الكثير من آيات الحمد والشكر على الإصلاحات التي أتت أكلها فعلاً … فعلينا في مسائل الصناعة أن نعمل ونلزم، ونعين بالتعليم (٢٥) ".

ولكن الصناعة لا تتطور إلا بتجارة تبيع منتجاتها. ولكي يشجع بطرس التجارة رفع المكانة الاجتماعية لطبقة التجار. وفرض نمو صناعة كبيرة لبناء السفن في أركانجل وسانت بطرسبورج. وحاول إنشاء بحرية تجارية تحمل السلع الروسية في سفن روسية ولكنه أخفق