للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحادية والتسعين. وأصبح ديتريش بوكستيهودي، المولود بالدنمرك، عازف الأرغن في كنيسة مارينكريشي بلوبيك في ١٦٦٨، واشتهرت حفلاته هناك، لا سيما حفلات "موسيقى المساء" التي جمعت بين الأرغن والأوركسترا والخورس، وذاع صيتها حتى أن باخ الكبير كأن يمشي خمسين ميلاً من آرنشتات إلى لوبيك ليسمعه وهو يعزف (١٤). وقد عاش نحو سبعين من الألحان التي وضعها للأرغن، وكثير منها ما زال يعزف، وقد أسهمت ألحانه الكورالية في تكوين أسلوب يوهان سبستيان. وسبق يوهان كوناو باخ عازفاً على الأرغن في كنيسة توماسكرشي بليبزج، وقد طور السوناتا للكلافير، ولحن ألحاناً ( Partien) من نوع متتاليات باخ.

وأخذت أسرة باخ تدخل الآن عالم الموسيقى في خصوبة مذهلة. وقد وصل إلى علمنا أسماء نحو أربعمائة من آل باخ بين ١٥٥٠ و١٨٥٠: كلهم موسيقيون، وستون منهم يشغلون مراكز هامة في دنيا الموسيقى في زمانهم. وقد ألفوا نوعاً من النقابة العائلية التي تجتمع دورياً في مقارهم بأيزيناخ، أو آرنشتات، أو ارفورت. وهم يؤلفون بلا جدال أكبر وأشهر أسرة في التاريخ الثقافي، ويثيرون الإعجاب لا لكثرة عدهم فحسب، بل لإخلاصهم لفنهم، ولثبات في الهدف جرماني صيل، ولغزارة إنتاجهم وقوة تأثيرهم. ولم تبرز أسماؤهم في الحوليات الموسيقية إلا في جيلهم الخامس، بظهور يوهان كرستوف ويوهان ميكائيل باخ، ابني هينريش باخ، عازف الأرغن في آرنشتات. وكان يوهان كرستوف كبير عازفي الأرغن في ايزناخ طوال ثمان وثلاثين سنة، رجلاً بسيطاً، جاداً، مدققاً في عمله، درب فرق الترتيل ولحن للأرغن وللأوركسترا. وأصبح أخوه يوهان ميكائيل عازف الأرغن في جيرين في ١٦٧٣، وظل هناك حتى مات في ١٦٩٤، وأعطى خامس بناته زوجة أولى ليوهان سبستيان. وكان لكريستوف باخ أخي هيزيش، وعازف الأرغن في فيمار، ابنان كانا عازفي كمان، وأحدهما وهو أمبروزيوس كان أبا يوهان سبستيان. أما يوهان باخ، أخو هينريش وكرستوف، فكان عازف الأرغن في ايرفورت من ١٦٤٧ إلى ١٦٧٣، حين خلفه ابنه يوهان كرستيان باخ، الذي خلفه في ١٦٨٢ أخوه يوهان اجيديوس باخ. وكأن قوى الطبيعة كلها وجهت لتنجب وتعد يوهان سبستيان باخ.