(١٦٧٩) حيث ظفر بالاستحسان لصورة الجصية في كنيسة كورسيني.
وأصاب صديقه كارلو دولتشي غم شديد حين رأى ما أحرزه لوكا من نجاح، فمات بعد قليل (٢٣)، وتروي لنا إيطاليا المحبة لفنانيها من الأساطير الكثيرة عنهم قدر ما ترويه عن قديسيها. وفي رواية أخرى أن نائب الملك الأسباني في نابلي أوصي برسم حشوة كبيرة لكنيسة القديس فرانسس زافير، وثار غضبه حين وجد أن شيئاً لم ينجز في هذا التكليف رغم التأجيلات الطويلة، وما راعه بعد يومين إلا أن يجد العمل كاملاً وجميلاً. وقال نائب الملك "إن راسم هذه الصورة أما ملاك وأما شيطان (٢٤) ".
وطبقت شهرة الملاك الشيطاني الآفاق حتى بلغت مدريد، وسرعان ما تكاثرت الدعوات على لوكا من شارل الثاني لينضم للبلاط الأسباني. ومع أن الملك كان مشرفاً على الإفلاس فإنه وصل الفنان بألف وخمسمائة دوكاتيه، ووضع سفينة ملكية تحت تصرفه للرحلة. فلما بلغ جوردانو مدريد (١٦٩٢) استقبلته ست مركبات ملكية على الطريق. وما لبث أن بدأ العمل في الأسكوريال وهو في السابعة والستين. فزين بالصور الجصية سلم الدير الكبير، وعلى قبو الكنيسة رسم "صورة طبق الأصل" من السماوات، ترينا شارل الخامس وفيليب الثاني في الفردوس-وقد غفرت ذنوبهما كلها تحية من الثالوث الأقدس لآل هابسبورج. وفي السنتين التاليتين رسم عدداً كبيراً من الصور الجصية يعدها مؤرخو الفن الأسباني خير ما رسم في الأسكوريال (٢٥). وفي "القصر" بمدريد، وفي بوين ريتيرو، وفي كنائس طليطلة والعاصمة، رسم صوراً بلغت من الكثرة، وأنفق فيها من الجهد، ما جعل منافسيه يعيرونه بأنه يعمل ثماني ساعات في اليوم وفي أيام الأعياد. كذلك ساءهم أنه جمع ثروة بطرق غير لائقة، وأنه يضيق على نفسه ولكنه يشتري الجواهر الغالية استثماراً آمناً لماله لأن كل شيء في هذه الدنيا سيتغير ويتبدل إلا غرور الإنسان. وقد كرمه كل البلاط، ووصفه شارل الثاني في لحظة صفاء بأنه أعظم من ملك.
ومات شارل في ١٧٠٠، ومكث جوردانو في أسبانيا رغم ما تلا