حرقاً. وكانت القيود التي أعجزت الكاثوليك في إنجلترا لا تقاس بما يلقاه البروتستنت من أخطار في أسبانيا. وعجز كرومويل عن حماية التجار الإنجليز هناك. وقبض ديوان التفتيش في ١٦٩١ على الخادم البروتستنتي للسفير الإنجليزي، وفي تلك السنة نبش الشعب جثة القسيس الأنجليكاني الخاص بالسفير ومثل بها تمثيلاً. واستمر حرق اليهود المنتصرين الذين اتهموا بأنهم يضمرون يهوديتهم. وبنى ديوان التفتيش لنفسه في ميورقه قصراً جميلاً من الثروة التي صادرها في تحقيق واحد (٥٥). وكانت الجماهير تؤيد بحرارة هذه المحرقات وإن حاول كثير من النبلاء تثبيطها. فلما أعرب شارل الثاني في ١٦٨٠ عن رغبته في أن يشهد احتفالاً بحرق المهرطقين، تطوع صناع مدريد بأن يبنوا مدرجاً للمشهد المقدس، وفي أثناء قيامهم بالعمل كانوا يشجعون بعضهم بعضاً على الإسراع والاجتهاد بألوان من الحض الديني، لقد كان حقاً جهداً من جهود المحبة. وحضر شارل وعروسه الشابة في كل أبهة الملك، وحوكم ١٢٠ سجيناً، وأحرق واحد وعشرون حتى الموت في مرجل في الميدان الكبير، وكان هذا أعظم وأفخم احتفال بحرق المهرطقين في تاريخ أسبانيا، ونشر كتاب من ٣٠٨ صفحة يصف الحدث ويخلد ذكراه (٥٦). وفي ١٦٩٦ عين شارل "هيئة كبرى" لفحص مفاسد ديوان التفتيش، فقدمت تقريراً أماط اللثام عن شرور كثيرة وأدانها، ولكن الرئيس العام للديوان أقنع الملك بأن يلقي بهذا "الاتهام الرهيب" في زوايا النسيان. فلما طلبه فليب الخامس في ١٧٠١ لم يعثر على نسخة منه (٥٧). على أن الدين خفف من غلوائه بعد ذلك وقلل من حرائقه.
أما الكنيسة فقد حاولت أن تفتدي ثروتها وتدعم الإيمان بتمويلها للفن. ففي ١٦٧٧ صمم فرانشسكو دي هيريرا ايلموزو كتدرائية سرقسطة الثانية التي سميت "ديل بيلار" لأنها تفاخر بعمود اعتقد الناس أن العذراء نزلت عليه من السماء. وجاءت العمارة الباروكية الآن إلى أسبانيا، وبين عشية وضحاها تحول المزاج الأسباني من الاكتئاب القوطي إلى الإسراف الزخرفي. وأشهر المعماريين هنا خوزي شوريجويرا، وقد أصبح لفظ "شوريجويريسكا" حيناً علماً على الباروك الأسباني. ولد في سلمنقة عام ١٦٦٥، وأبدى نشاطاً مفرطاً