في العمارة والنحت وصناعة الأثاث والتصوير. فلما وفد على مدريد في الثالثة والعشرين دخل في مسابقة لتصميم نعش لجنازة الملكة ماريا لويزا، ففاز بالجائزة، وتوطدت شهرته بالبراعة الزخرفية العربية بفضل هذا البناء المختلط (٥٨)، المؤلف من أعمدة عجيبة الشكل وكرانيش مكسرة، والمزين بالهياكل العظمية والعظام المتقاطعة والجماجم. ثم عاد غلى سلمنقة حوالي ١٦٩٠، وظل يكد فيها عشر سنين، يزخرف الكتدرائية، ويبني المذبح العالي في كنيسة القديس أسطفان، والبهو الفخم في مجلس المدينة. وفي مدريد صمم قرب ختام حياته واجهة كنيسة القديس توما، ولما مات (١٧٢٥) ترك استكمال البناء لولديه جيرونيمو ونيقولا، وفي أثناء اشتغالهما بهذه العمليات سقطت القبة فوق رءوس الكثير من العمال والمصلين فسحقتهم. وهاجر إلى المكسيك لون معتدل نوعاً ما من باروك شوريجويرا، وهناك أثمر بعض المباني التي تعد من أجمل ما شيد في أمريكا الشمالية.
وظل النحت تعبيراً قوياً عن الروح الأسبانية. وكان مصدر هذه القوة أحياناً واقعية شاذة، كما نراها بتفصيل دموي في رأس يوحنا المعمدان أو غيره من القديسين مقطوعي الرءوس. وكان متحف بلد الوليد يحتفظ برأسين من هذا النوع للقديس بولس (٥٩). وظلت حجب المذبح لوناً أثيراً من ألوان الفن، فترى بيدرو رولدان ينحت الحجب الكبرى في كنيسة الأبرشية الملحقة بالكاتدرائية، وفي مستشفى دي لا كاريداد في إشبيلية، وابنته لويزا رولدانا، مثاله أسبانيا الفذة تنحت في كتدرائية قادس مجموعة تماثيل تتركز حول "نوسترا سينورا دي لاس أنجوستياس"(سيدة الأحزان). وهيمن بيدرو دي مينا على العصر بتماثيل عراياه (وما أندرها في الفن الأسباني)، وتماثيل السيدة العذراء، ومقعد المرتلين في كاتدرائية ملقا، ويعد تمثاله" سان فرانسسكو" في كاتدرائية إشبيلية من أروع أمثلة النحت الأسباني. وحوالي نهاية القرن السابع عشر أدرك هذا الفن ما أدرك غيره من تدهور عام. فأثقلت الحشوات بالزخارف، وزودت التماثيل بأجهزة آلية لتحريك الرأس والعينين والفم، وأضيف الشعر والملابس الحقيقية، واللون دائماً، في جهد للوصول إلى أبسط التصور والذوق الجماهيريين.