بقى الكثير من صغار الأبطال. فكان خوان كارينو دي ميراندا، الذي خلف فيلا سكويز مصوراً للبلاط، محبوباً كسلفه تقريباً-رجلاً متواضعاً لطيفاً، يبلغ به الاستغراق في عمله مبلغاً ينسيه أحياناً هل أكل أو لم يأكل. وقد سرت صوره لشارل الثاني وحاشيته الملك الشاب حتى عرض عليه لقب الفروسية وصليب سنتياجو، ولكن كارينو رفض هذا التشريف لأنه رآه فوق ما يستحق. وفي تلك الأيام ابتهجت مدريد بقصة "الكنتريللو دي مييل"(برطمان العسل). وتفصيل ذلك أن فناناً مغموراً يدعى جريجوريو أوتاندي رسم لوحة للراهبات الكرمليات طلب عليها أجراً مائة دوكاتية، فاستكثرن عليه الأجر، ولكن وافقن على تحكيم كارينو. وقبل أن يسمع كارينو بالأمر، أهداه أوتاندي برطمان عسل، ورجاه في أن يضع اللمسات الأخيرة للوحة. ففعل، وتحسنت الصورة كثيراً. ودهش كارينو حين طلبت إليه الراهبات تقييمها. فرفض، ولكن فناناً ثالثاً قدرها بمائتي دوكاتية، وكتم السر حتى دفع الثمن.
وفي ختام حياته يسر كارينو سبيل النجاح لأحد خلفائه، وهو كلوديو كويللو، الذي ظل يرسم آناء الليل وأطراف النهار دون أن يحقق نتائج ذات بال. فصادقه كارينو، وحصل له على إذن بأن يدرس وينسخ أعمال تتسيانو وروبنز وفانديك في قاعات الفن الملكية. وأعانت هذه التجربة كلوديو على النضج، وفي ١٦٨٤، وقبل موت كارينو بعام، عين كويللو مصوراً للملك. وقد أحرز الشهرة في وطنه بلوحته "ساجرادا فورما" أي القربانة المقدسة، التي ظهرت فيها هذه القربانة تقدم إلى شارل الثاني لوضعها على مذبح في الأسكوريال. والأسطورة التي من وراء الصورة تعبر عن مزاج أسبانيا. تقول الرواية أنه في أثناء الحرب مع الهولنديين داس بعض الكلفنيين الفجرة قطعة من خبز القربان المقدس تحت أقدامهم، وسالت من القربانة المصابة قطرات من دم، هدت للتو أحد مدنسيها إلى الكاثوليكية، وحملت القربانة التي استنقذت إلى فيينا في احترام وإجلال، وأرسلت هدية إلى فيليب الثاني، ومنذ ذلك التاريخ وهي تعرض دورياً، ملطخة بدم المسيح على العابدين الخاشعين. وصور كويللو الملك وكبار حاشيته راكعين في تعبد أمام الخبز المعجز. وظهر في الصورة نحو خمسين