وفي البرتغال، على الأخص، وأصل الكثير من المتنصرين في الظاهر (الكونفرسو conversos أو المارانو) ممارسة اليهودية ونقلها في عزلة بيوتهم، ووقع أكثر من مائة منهم ضحايا لديوان التفتيش لأنهم مرتدون ( relapsos) بين عامي ١٥٦٥ و١٥٩٥ (٤) -ووجد اليهود المتسترون مكاناً قلقاً في الحياة البرتغالية كتاباً، وأساتذة، وتجاراً، وماليين، بل ورهباناً وقسيسين، على الرغم من كل أخطار الكشف عن حقيقتهم. وكان ألمع الأطباء يهوداً متخفين، وفي لشبونة طورت أسرة منديس شركة مصرفية من أعظم الشركات في أوربا.
وبعد أن اندمجت البرتغال في أسبانيا (١٥٨٠)، زاد نشاط ديوان التفتيش البرتغالي، ففي السنين العشرين التالية أقيم خمسون احتفالاً لإقامة المهرطقين، وحكم على ١٦٢ بالإعدام، وعلى ٢. ٩٧٩ تائباً بالعقوبات التفكيرية، وأحرق في لشبونة (١٦٠٣) راهب فرنسسكاني يدعى ديوجودا أسومساو، يبلغ الخامسة والعشرين، بعد أن اعترف باعتناقه اليهودية (٥). وهاجر إلى أسبانيا الكثير من المارانو بعد أن وجدوا ديوان التفتيش البرتغالي أشد وحشية من نظيره الأسباني. وفي ١٦٠٤، بفضل رشوة قدرها ١. ٨٦٠. ٠٠٠ دوكاتية دفعوها لفيليب الثالث، ورشا أقل لوزرائه، أقنعوا الملك بأن يحصل من البابا كلمنت الثامن على مرسوم يأمر فيه قضاة التفتيش البرتغاليين بأن يفرجوا عن جميع المارانو المسجونين ويفرضوا عليهم عقوبات روحية فقط. فأطلق في يوم واحد (١٦ يناير ١٦٠٥) سراح ٤١٠ من هؤلاء الضحايا. ولكن مفعول هذا الرشا وأمثالها كان يضعف بمضي الوقت، ولم يلبث الإرهاب البرتغالي أن عاد سيرته الأولى عقب موت فيليب الثالث (١٦٢١). ففي ١٦٢٣ قبض على مائة من "المسيحيين المحدثين" في بلدة مونتمور أو نوفو. وفي كوامبرا، مركز المملكة الثقافي، قبض على ٢٤٧ في ١٦٢٦، وعلى ٢١٨ في ١٦٢٩، وعلى ٢٤٧ في ١٦٣١. وخلال عشرين عاماً (١٦٢٠ - ٤٠) أحرق ٢٣٠ يهودياً برتغالياً شخصياً، و١٦١ دمية تمثلهم بعد أن هربوا، و"صولح" ٤. ٩٩٥ بعقوبات أخف (٦). وفر الآن المارانو من البرتغال كما فروا من قبل من أسبانيا، مخاطرين بحياتهم وتاركين ثروتهم خلفهم إلى أركان المسكونة كلها.