إلى المسيحية. وأنهى سيكستوس الخامس هذا الاضطهاد بعض الوقت ففتح حي اليهود (١٥٨٦)، وسمح لليهود أن يسكنوا أني شاءوا في الولايات البابوية، وأعفاهم من ارتداء أي شارة أو لباس مميز، وأذن لهم بطبع التلمود وغيره من المؤلفات العبرية، ومنحهم حرية العبادة كاملة، وأمر المسيحيين بأن يعاملوا اليهود ومجامعهم بالاحترام والرأفة (١٣). ولكن هذه البابوية المسيحية كانت قصيرة الأجل، فقد جدد كلمنت الثامن مرسوم الطرد (١٥٩٣). وما حل عام ١٦٤٠ حتى كان جميع يهود إيطاليا تقريباً يسكنون الغيت، فإذا بارحوه كان عليهم أن يلبسوا شارة تدل على سبطهم، وحرموا من الاشتغال بالزراعة أو الانتماء إلى الطوائف الحرفية. وقد وصف مونتيني أثناء جولته في روما عام ١٥٨١ كيف كان اليهود في السبت يلزمون بإرسال ستين من شبابهم إلى كنيسة سنتانجيلو في بسكيريا ليستمعوا إلى عظات تحضهم على اعتناق المسيحية (١٤). وقد شهد جون ايفلين احتفالاً كهذا في روما (٧ يناير ١٦٤٥)، ولا حظ أن "الاهتداء أمر نادر جداً" وكان كثير من خصائص اليهود المنفرة، سواء البدنية والخلقية، نتيجة لطول الحبس والذل والفقر.
أما في فرنسا فقد كان اليهود من الناحية النظرية خاضعين لجميع القيود التي طلب بيوس الخامس فرضها عليهم، أما من الناحية الفعلية فقد أكسبتهم أهميتهم في الصناعة والتجارة المالية تسامحاً صامتاً. وقد أكد كولبير في أحد أوامره المزايا التي تحصل عليها مرسيليا من مشروعات اليهود التجارية (١٥). واستقر لاجئوا المارانو في بوردو وبايون، وبلغ إسهامهم في الحياة الاقتصادية لجنوب غربي فرنسا مبلغاً حمل السلطات على السماح لهم بممارسة شعائرهم اليهودية في تخف يقل شيئاً فشيئاً. ولما غزا جيش من المرتزقة بوردو في ١٦٧٥، خشي مجلس المدينة أن يعطل نزوح اليهود المرتاعين في أعدا كبيرة عن المدينة ثراءها، فبدونهم-كما قال ناظر ملكي في تقريره-ستخرب لا محالة تجارة بوردو والإقليم بأسره (١٦) ". وبسط لويس الرابع عشر حمايته على اجالية اليهودية في متز، فلما عذب القضاة المحليون يهودياً حتى الموت (١٦٧٠) لاتهامه بقتل طفل قتلاً طقسياً أدان الملك إعدام الرجل قائلاً إنه جريمة قتل ارتكبها القضاء، وأمر