للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التفتيش. وكانوا كلهم تقريباً يعيشون في حي اليهود، "الجوديكا"، ولكنهم لم يلزموا بسكناه، وكان هذا "الغيت ghetto" يضم الكثير من الأسر الغنية، والبيوت الجميلة، ومجمعاً مؤثثاً تأثيثاً فاخراً بني في ١٥٨٤، ثم أعيد بناؤه في ١٦٥٥ بإشراف المعماري الشهير بلداساري لونجينا. وكان يهود البندقية الستة الآلاف أرقى ثقافة من أي جالية يهودية في هذا العصر.

واستقرت في فرارا حوالي ١٥٦٠ مستوطنة من المارانو القادمين صلاً من البرتغال، ولكنها شتتت في ١٨٥١ بأمر البابا، الذي فعل هذا تحت ضغط ديوان التفتيش البرتغالي. وفي مانتوا كان أدواق جونزاجو يحمون اليهود، ولكنهم يسلبونهم دورياً بالتبرعات و "القروض"، وفي ١٦١٠ أجبر جميع يهود مانتوا على مسكن حي مسور لليهود تقفل بواباته عند الغروب وتفتح في الفجر (١٠). فلما ستفشي الطاعون في مانتاوا أتم اليهود بأنهم هم الذين جلبوه إليها، وحين استولى جنود الإمبراطور على المدينة إبان حرب الوراثة المانتوية، نهبوا حتى اليهود تماماً، واغتصبوا ٨٠٠. ٠٠٠ سكودي جواهر ونقوداً، وأمروا اليهود أن يرحلوا عن مانتوا خلال ثلاثة أيام غير آخذين من مقتنياتهم إلا ما يستطيعون حمله (١١).

أما في روما، حيث درج البابوات من قبل على حماية اليهود، فإنهم بعد عام ١٥٦٥ (باستثناء سيكستوس الخامس) أصدروا سلسلة طويلة من المراسيم المعادية لهم. فأمر بيوس الخامس (١٥٦٦) جميع السلطات الكاثوليكية بأن تطبق تطبيقاً كاملاً كل ما فرض على اليهود من قيود وحدود دينية. فلا بد منذ الآن أن يقصروا على أحياء معزولة عزلاً مادياً عن السكان المسيحيين، وعليهم أن يلبسوا شعاراً أو ثوباً مميزاً، ولا حق لهم في تملك الأرض، ولا في أن يكون لهم أكثر من مجمع واحد في أية مدينة. وفي ١٥٦٩، بمقتضى مرسوم بابوي اتهم اليهود بالربا، والقوادة، والشعوذة، وفنون السحر، أمر بيوس الخامس بطرد جميع اليهود من الولايات البابوية فيما عدا مدينتي أنكونا وروما (١٢). وحرم جريجوري الثالث عشر (١٥٨١) على المسيحيين استخدام الأطباء اليهود، وأمر بمصادرة الكتب العبرية، وجدد (١٥٨٤) إلزام اليهود بالاستماع إلى مواعظ هدفها هدايتهم