وسحبا، وأضحى صوته رعدا، وصارت عروقه أنهارا، واستحال لحمه أرضا، وشعره نبتا وشجرا، وعظمه معادن، وعرقه مطرا؛ أما الحشرات التي كانت تعلق بجسمه فأصبحت آدميين. وليس لدينا من الادلة القاطعة ما ننقض به هذا العلم الكوني العجيب.
وتقول الاساطير الصينية ان الملوك الاولين حكم كل منهم ثمانية عشر ألف عام، وانهم جاهدوا أشق جهاد ليجعلوا من قمل "بان كو" خلائق متحضرين. وتقول لنا هذه الاساطير ان الناس "كانوا قبل هؤلاء الملوك السماويين كالوحوش الضارية يلبسون الجلود ويقتاتون باللحوم النيئة، ويعرفون أمهاتهم، ولكنهم لا يعرفون آباءهم"- ولا يرى استرندبرج strendberg أن هذا الوصف الاخير مقصور على الأقدمين أو على الصينيين. ثم جاء من بعد هؤلاء الامبراطور فوشي في عام ٨٥٢ ق. م بالتحديد، فعلم الناس بمعاونة زوجه المستنيرة الزواج، والموسيقى والكتابة والتصوير، وصيد السمك بالشباك، وتأنيس الحيوان، واطعام دود القز للحصول منها على الحرير. وأوصى وهو على فراش الموت أن يخلفه سن نونج، فأدخل هذا الامبراطور في البلاد الزراعة، واخترع المحراث الخشبي، وأقام الاسواق وأوجد التجارة، وأنشأ علم الطب بما عرفه من خواص النبات العلاجية، هذا ما تقوله الاساطير التي تعلي الاشخاص أكثر مما تعلي الافكار، وتعزو إلى عدد قليل من الافراد نتائج كدح الاجيال الطوال. ثم حكم امبراطور محارب قوى يدعى هوانج- دي لم يطل عهده أكثر من مائة عام، فجاء إلى الصين بالمغنطيس والعجلات، ووظف المؤرخين الرسميين، وشاد أول أبنية من الآجر في الصين؛ وأقام مرصدا لدراسة النجوم، وأصلح التقويم، وأعاد توزيع الأرض على الأهلين. وحكم "يَو" قرنا آخر، وبلغ من صلاح حكمه أن كنفوشيوس، حين كتب عنه بعد زمانه بثمانمائة وألف عام في عهد كان يبدو له بلا ريب عهدا "حديثا" فاسدا، أخذ يندب ما طرأ على الصين من ضعف