للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وانحلال. ويحدثنا الحكيم القديم- الذي لم يستطع رغم حكمته التورع عن "الكذبة الصالحة" يضيفها إلى القصة ليجعل لها مغزى خلقيا- يحدثنا هذا الحكيم القديم أن الناس أصبحوا أفاضل أتقياء بمجرد النظر إلى "يو"، وكان أول ما قدمه "يو" من معونة للمصلحين أن وضع في خارج باب قصره طبلا يضربونه اذا أرادوا أن يدعوه لسماع شكواهم ولوحا يكتبون عليه ما يشيرون به على الحكومة ويقول كتاب التاريخ الذائع الصيت:

"أما يَوْ الصالح فيقولون عنه انه حكم جونج- جُوُو مائة عام لأنه عاش مائة عام وعشرة وستة؛ وكان رحيما خيرا كالسماء، حكيما بصيرا كالآلهة، وكان ضياؤه يبدو من بعيد كالسحابة اللامعة، فاذا اقتربت منه كان كأنه الشمس الساطعة. وكان غنيا في غير زهو، عظيما في غير ترف وكان يلبس قلنسوة صفراء، ومئزرا قاتم اللون، ويركب عربة حمراء تجرها جياد بيض. وكانت طنف أسقف بيته غير مشذبة، وألواحه غير مسحجة، ودعائمه الخشبية غير ذات أطراف مزينة.

وكان أغلب ما يقتات به الحساء أيا كان ما يصنع منه، لا يهتم باختيار الحبوب التي يصنع منها خبزه، وكان يشرب حساء العدس من صفحة مصنوعة من الطين، ويتناوله بملعقة من الخشب. ولم يكن يتحلى بالجواهر، ولم تكن ثيابه مطرزة، بل كانت بسيطة لا يختلف بعضها عن بعض. ولم يكن يعني بغير المألوف من الاشياء أو الغريب من الاحداث، ولم يكن يقيم وزنا للأشياء النادرة الغريبة، يستمع لأغاني الغزل، عربته الرسمية خالية من أسباب الزينة … يلبس في الصيف رداء بسيطا من القطن، ويلف جسمه في الشتاء بجلود الظباء. ومع هذا كله فقد كان أغنى من حكم جونج- جوو، طوال عهدها كله، وأرجحهم عقلا، وأطولهم عمرا، وأحبهم إلى قلوب الشعب (١٤).