وبأن ذلك لن يتجاوز سنة ١٦٦٦. وسمعهم سبتاي يتنبأون بأن الفداء العظيم سيأتي على يد رجل طاهر النفس شديد الورع، ملم بأسرار القبلانية، قادر على جمع شمل كل الأبرار ليعيشوا في عصر السلالم الموعود. وخيل إليه، بعد أن طهره الزهد، أنه الفادي الإلهي. وكان "الظهر"، وهو نص في القبلانية يرجع إلى القرن الثالث عشر، قد حدد السنة اليهودية ٥٤٠٨ (١٦٤٨ الميلادية) فاتحه لعصر الفداء. في تلك السنة أعلن سبتاي أنه المسيا، وكان آنئذ في الثانية والعشرين.
وصدقه رهط من مريديه. فأدانتهم حاخامية أزمير باعتبارهم مجدفين، ولكنهم أصروا، فنفوا من المدينة. وانتقل سبتاي إلى سالونيك، وهناك أقام احتفالاً قبلانياً زوج فيه نفسه للتوراة، فطرده أحبار سالونيك، فمضى إلى أثينا، ثم إلى القاهرة، حيث ضم إليه تابعاً غنياً يدعى رفائيل شلبي، ثم انتقل إلى أورشليم، وهناك وقع زهده موقعاً طيباً حتى في نفوس الأحبار. وأوفدت الجالية اليهودية في أورشليم سبتاي ليلتمس المعونة في القاهرة بعد أن أفقرها انقطاع الصدقات من يهود أوكرانيا المنكوبين. فعاد إلى أورشليم مصحوباً لا بالمال بل بزوجة ثالثة تدعى سارة، أضفى حسنها الإشراق على دعاواه وفي غزة-التي مر بها في طريقه-انضم إليه تابع غني آخر يسمى ناتان غزاتي، أذاع أنه هو ذاته ايليا، ولد من جديد ليقوم الطريق أمام المسيا، وأنه لن ينقضي عام حتى يسقط المسيا السلطان العثماني ويقيم ملكوت السماوات. وصدقه آلاف اليهود، وأذلوا أجسادهم ليكفروا عن ذنوبهم ويصبحوا جديرين بالفردوس الأرضي. فلما عاد سبتاي إلى أزمير، دخل عام ١٦٦٥ المجمع في رأس السنة اليهودية، وأعلن نفسه المسيا مرة أخرى. وقبله هذه المرة جمع غفير أخذته نشوة الفرح. فلما رماه حبر عجوز بأنه دجال نفاه سبتاي من أزمير.
وانتشر نبأ مجيء المسيا في أرجاء غربي آسيا فكهرب الجاليات اليهودية. وحمل البشرى تجار مصر وإيطاليا، وهولندا، وألمانيا، وبولندة، إلى بلادهم، وخبروا بالمعجزات التي نسبت إلى سبتاي في عدد متزايد. وتشكك بعض اليهود، ولكن الآلاف صدقوا بعد أن أعدتهم لذلك النبوءات القبلانية والآمال الحارة. لا بل إن بعض المسيحيين