تعليم بناتها. وأكد الكاهن بالطبع تقوية الناموس الأخلاقي بالدين، ولكنه استنكر ما شاب التعليم الديري من تقشف وعزلة. وقال أنه يشعر أن أديار الراهبات "لا تهيئ للحياة في هذه الدنيا، وهي حياة تدخلها خريجة الدير وكأنها خرجت من كهف لتقابل ضوء النهار الساطع (١٩) " وطالب بالطرق اللينة في التعليم، فيجب أن يوائم التعليم بين نفسه وبين طبيعة الطفل وميوله وحساسيته، لا أن يخضع التلاميذ كلهم لقاعدة جامدة واحدة. فلنعلم بالطريقة التي تعلم بها الطبيعة-لا بالتجريدات، بل بهداية الطفل إلى لب الأشياء، ولتكن ألعابهم وميولهم الطبيعية وسيلة التعليم (هاهنا بيداجوجيه روسو، وتعليم القرن العشرين "التقدمي" يشرحه كاهن من كهنة القرن السابع عشر). ويريد فنيلون أن تقرأ البنات الآداب القديمة، بلغاتها الأصلية إن استطعن، وينبغي أن يتعلمن شيئاً من التاريخ، ومن القانون ما يكفي لإدارة ضيعة، ولكن لا شأن لهن بالعلم-فعلى الفتاة أن تبدي "بعض الحياء في العلم" ( une pudeur sur la sciemce) . لقد كان الكاهن الوسيم حساساً لمفاتن الأنثى، ولم يرد بهذه المفاتن أن تكتسي بعلم الجير، وما كان ليفهم قط غرام فولتير بمدام دوشاتليه، أستاذة الميكانيكا النيوتونية.
وبعد مقال فنيلون هذا بعشر سنوات، نشر ديفو دعوته لتعليم النساء تعليماً عالياً. فالبنات الإنجليزيات في القرن السابع عشر لم تتح لهن إلا فرص ضئيلة في التعليم الثانوي، إذا استثنينا البيوت الغنية. فكان عليهن أن يعتمدن على المدرسين الخصوصيين، كما كان شأن استر جونسن مع جوناثان سويفت، أو أن يختلسن المعرفة بجهدهن الخاص كما فعلت ابنة ايفلين الأثيرة لديه. وعند ماكولي أن "نساء ذلك الجيل (١٦٨٥ - ١٧١٥) الإنجليزيات، حتى في أرقى الطبقات، كن قطعاً أسوأ تعليماً منهن في أي فترة أخرى منذ حركة إحياء العلوم"(٢٠). وقد قدر سويفت أنه لا تكاد توجد امرأة راقية واحدة في كل ألف لقنت القراءة أو الهجاء (٢١)، ولكن ذلك الكاهن المتشائم كان يزكو على المبالغات. على أي حال كان رأي ديفو أن إهمال تعليم المرأة ظلم همجي "لست أعتقد أن الله تعالى جعل النساء مخلوقات غاية في الرقة والنبل، وجملهن بهذه المفاتن … ليكن مجرد مدبرات لبيوتنا، وطاهيات، وإماء". لذلك اقترح أن يكون للبنات أكاديمية شبيهة بالمدارس الخاصة في إنجلترا، يتعلمن فيها-بالإضافة إلى الموسيقى والرقص-"اللغات،