للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

مع مدام داسييه العالمة في نشر الطبعة "الدلفية" الشهيرة ذات الستين مجلداً للآداب اللاتينية، وذلك لتعليم الدوفان (ولي العهد)، وقد عين رئيساً لأساقفة آفرانش، وحين مات خلف مكتبته التي هي الآن جزء ثمين من المكتبة القومية. وواصل أتباع بولاند من اليسوعيين نشر موسوعتهم المئينية Acta Sanctorum ( أعمال القديسين) وفي باريس، وتحت قيادة جان مابيون، صنف مجمع سان-مور البندكتي (١٦٦٨ - ١٧٠٢) تاريخاً من عشرين مجلداً للقديسين البندكتيين، وألقوا بهذا الضوء إلهام على حوليات فرنسا الوسيطة وآدابها. وأعطى مابيون نفسه شكلاً جديداً للطريقة القديمة لكتابة اللاتينية بمؤلفه De Re diplomatica (١٦٨١) ، الذي لم يكن كتيباً في الدبلوماسية بل رسالة في تاريخ المراسيم والمخطوطات القديمة وطبيعتها وحجيتها. كتب مابيون بعد أن أتم جزءاً من أجزائه الضخمة، "ليت الله لا يؤاخذني على أنني أنفقت هذه السنين الطوال في دراسة أعمال القديسين، دون أن أشابههم إلا قليلاً" (٢٥).

أما عملاق التبحر في الدراسات القديمة في هذا العصر فكان رتشرد بنتلي-الناظر الصارم لكلية ترنتي (بكمبردج) طوال اثنين وأربعين عاماً. فلقد أفنى شبابه في استيعاب المكتبة البولدية، وكان وهو بعد في التاسعة والعشرين من أكبر علماء أوربا تفقها في الآداب اليونانية واللاتينية والعبرية وآثارها. وفي ذلك العام (١٦٩١) نشر رسالة في مائة صفحة Epistola ad Millium موجهة إلى "جون مل" سابق، بلغ من دقتها وعمقها العلميين أنها أذاعت صيته في طول أوربا وعرضها. واختبر في الثلاثين ليلقى أول سلسلة من المحاضرات التي دبر لها المال ووضع لها الاسم في وصية الكيميائي الورع روبرت بويل. وقد استجاب بتقديم الحجج القوية على أن النظام الكوني الذي كشف سره في كتاب نيوتن "المبادئ" ( Principia) الحديث الصدور يثبت وجود الله. وكان هذا عزاءً عظيماً لنيوتن الذي اتهم من قبل بالإلحاد. وعين بنتلي في وظيفة الأمين الملكي للمكتبة، وأعطى مسكناً في قصر سانت جيمس. وهناك كان يلتقي مراراً بنيوتن، وايفلين، ورن، ومن قلعته تلك خاص معركة من أشهر معارك العلم البريطاني.

أما المعركة فنجمت عن مشاركة الإنجليز في الجدل القائم حول